لأنها لازم معناه، وفيه إشارة إلى أن العبادة في رعايتها حق الرعاية مشقة على النفس، والخطاب عام شامل للأهل وإن كان في صورة الخاص وكذا فيما بعد، ولا يخفى ما في التعبير بالتسبيح أولا والصلاة ثانيا مع توجيه الخطاب بالمداومة إليه عليه الصلاة والسلام من الإشارة إلى مزيد رفعة شأنه صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: * (لا نسئلك رزقا نحن نرزقك) * دفع لما عسى أن يخطر ببال أحد من أن المداومة على الصلاة ربما تضر بأمر المعاش فكأنه قيل داوموا على الصلاة غير مشتغلين بأمر المعاش عنها إذ لا نكلفكم رزق أنفسكم إذ نحن نرزقكم، وتقديم المسند إليه للاختصاص أو لإفادة التقوى، وزعم بعضهم أن الخطاب خاص وكذا الحكم إذ لو كان عاما لرخص لكل مسلم المداومة على الصلاة وترك الاكتساب وليس كذلك، وفيه أن قصارى ما يلزم العموم سواء كان الأهل خاصا أو عاما لسائر المؤمنين أن يرخص للمصلي ترك الاكتساب المانع من الصلاة وأي مانع عن ذلك بل ترك الاكتساب لأداء الصلاة المفروضة فرض وليس المراد بالمداومة عليها إلا أداؤها دائما في أوقاتها المعينة لها لا استغراق الليل والنهار بها وكان الزاعم ظن أن المراد بالصلاة ما يشمل المفروضة وغيرها وبالمداومة عليها فعلها دائما على وجه يمنع من الاكتساب وليس كذلك، ومما ذكرنا يعلم أنه لا حاجة في رد ما ذكره الزاعم إلى حمل العموم على شمول خطاب النبي صلى الله عليه وسلم لأهله فقط دون جميع الناس كما لا يخفى، نعم قد يستشعر من الآية أن الصلاة مطلقا تكون سببا لإدرار الرزق وكشف الهم وعلى ذلك يحمل ما جاء في الأخبار، أخرج أبو عبيد. وسعيد بن منصور وابن المنذر. والطبراني في " الأوسط ". وأبو نعيم في " الحلية " والبيهقي في " شعب الايمان " بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا وأمر أهلك بالصلاة " وأخرج أحمد في الزهد وغيره عن ثابت قال: " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة صلوا صلوا قال ثابت وكانت الأنبياء عليهم السلام إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة، وأخرج مالك. والبيهقي عن أسلم قال كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما شاء الله تعالى أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل إيقظ أهله للصلاة ويقول لهم: الصلاة الصلاة ويتلو هذه الآية * (وأمر أهلك) * الخ، وجوز لظاهر الاخبار أن يراد بالصلاة مطلقها فتأمل، وقرأ ابن وثاب. وجماعة * (نرزقك) * بإدغام القاف في الكاف، وجاء ذلك عن يعقوب * (والعاقبة) * الحميدة أعم من الجنة وغيرها وعن السدي تفسيرها بالجنة * (للتقوى) * أي لأهلها كما في قوله تعالى والعاقبة للمتقين ولو لم يقدر المضاف صح وفيما ذكر تنبيه على أن ملاك الأمر التقوى.
* (وقالوا لولا يأتينا بااية من ربه أولم تأتهم بينة ما فى الصحف الاولى) * * (وقالوا لولا يأتينا بآية من ربه) * حكاية لبعض أقاويلهم الباطلة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالصبر عليها أي هلا يأتينا بآية تدل على صدقه في دعوى النبوة أو بآية من الآيات التي اقترحوها لا على التعيين بلغوا من المكابرة والعناد إلى حيث لم يعدوا ما شاهدوا من المعجزات التي تخر لها صم الجبال من قبيل الآيات حتى اجترؤا على التفوه بهذه العظيمة الشنعاء.
وقوله تعالى: * (أولم تأتهم بينة ما في الصحف الأولى) * رد من جهته تعالى لمقالتهم القبيحة وتكذيب لهم فما دسوا تحتها من إنكار إتيان الآية بإتيان القرآن الكريم الذي هو أم الآيات وأس المعجزات وأرفعها وأنفعها لأن حقيقة المعجزة الأمر الخارق للعادة يظهر على يد مدعي النبوة عند التحدي أي أمر كان ولا ريب