تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ٢٦٥
بمقدر متعلق بإذن، وفي " البحر " أن اللام للتعليل وكذا في قوله تعالى: * (ورضي له قولا) * أي ورضي لأجله قول الشافع وفي شأنه أو رضي قول الشافع لأجله وفي شأنه فالمراد بالقول على التقديرين قول الشافع، وجوز فيه أيضا أن لا يكون للتعليل، والمعنى ورضي قولا كائنا له فالمراد بالقول قول المشفوع وهو على ما روي عن ابن عباس لا إله إلا الله، وحاصل المعنى عليه لا تنفع الشفاعة أحدا إلا من أذن الرحمن في أن يشفع له وكان مؤمنا، والمراد على كل تقدير أنه لا تنفع الشفاعة أحدا إلا من ذكر وأما من عداه فلا تكاد تنفعه وإن فرض صدورها عن الشفعاء المتصدين للشفاعة للناس كقوله تعالى: * (فما تنفعهم شفاعة الشافعين) * (المدثر: 48).
وجوز في " البحر " والدر المصون " أن لا يقدر مفعول لتنفع تنزيلا له منزلة اللازم والاستثناء من شفاعة ومن في محل رفع على البدلية منها بتقدير مضاف أو في محل نصب على الاستثناء بتقديره أيضا أي إلا شفاعة من أذن الخ، ومن عبارة عن الشافع والاستثناء متصل ويجوز أن يكون منقطعا إذا لم يقدر شيء ومحل * (من) * حينئذ نصب على لغة الحجاز ورفع على لغة تميم، واعترض كون الاستثناء من الشفاعة على تقدير المضاف بأن حكم الشفاعة ممن لم يؤذن له أن يملكها ولا تصدر عنه أصلا ومعنى * (لا يقبل منها شفاعة) * لا يؤذن لها فيها لا أنها لا تقبل بعد وقوعها فالإخبار عنها بمجرد عدم نفعها للمشفوع له ربما يوهم إمكان صدورها حين لم يأذن له مع إخلاله بمقتضى مقام تهويل اليوم.
* (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما) * * (يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم) * الظاهر أن ضمير الجمع عائد على الخلق المحشورين وهم متبعو الداعي، وقيل: على الناس لا بقيد الحشر والاتباع، وقيل: على الملائكة عليهم السلام وهو خلاف الظاهر جدا، والمراد من الموصولين على ما قيل ما تقدمهم من الأحوال وما بعدهم مما يستقبلونه أو بالعكس أو أمور الدنيا وأمور الآخرة أو بالعكس أو ما يدركونه وما لا يدر كونه وقد مر الكلام في ذلك.
* (ولا يحيطون به علما) * أي لا يحيط علمهم بمعلوماته تعالى فعلما تمييز محول عن الفاعل وضمير * (به) * لله تعالى والكلام على تقدير مضاف. وقيل: المراد لا يحيط علمهم بذاته سبحانه أي من حيث اتصافه بصفات الكمال التي من جملتها العلم الشامل. ويقتضي صحة أن يقال: علمت الله تعالى إذ المنفى العلم على طريق الإحاطة.
وقال الجبائي: الضمير لمجموع الموصولين فإنهم لا يعلمون جميع ما ذكر ولا تفصيل ما علموا منه، وجوز أن يكون لأحد الموصولين لا على التعيين.
* (وعنت الوجوه للحى القيوم وقد خاب من حمل ظلما) * * (وعنت الوجوه للحي القيوم) * أي ذلت وخضعت خضوع العناة أي الأسارى، والمراد بالوجوه إما الذوات وإما الأعضاء المعلومة وتخصيصها بالذكر لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة وآثار الذل أول ما تظهر فيها، وأل فيها للعهد أو عوض عن المضاف إليه أي وجوه المجرمين فتكون الآية نظير قوله تعالى: * (سيئت وجوه الذين كفروا) * (الملك: 27) واختار ذلك الزمخشري وجعل قوله تعالى: * (وقد خاب من حمل ظلما) * اعتراضا ووضع الموصول موضع ضميرهم ليكون أبلغ، وقيل: الوجوه الإشراف أي عظماء الكفرة لأن المقام مقام الهيبة ولصوق الذلة بهم أولى والظلم الشرك وجملة * (وقد خاب) * الخ حال والرابط الواو لا معترضة لأنها
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»