تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٦ - الصفحة ١٥٠
الضمير الرابط لنكتة وهو أن القرآن رحمة يرتاح لها فكيف ينزل للشقاء، وقيل: الخبر محذوف، وقيل: هو خبر لمبتدأ محذوف. والجملة على القولين مستأنفة. وجوز أن يكون محله النصب على إضمار اتل. وقيل: على أنه مقسم به حذف منه حرف القسم فانتصب بفعله مضمرا نحو قوله: إن على الله أن تبايعا وجوز أن يكون محله الجر بتقدير حرف القسم نظير قوله من وجه، أشارت كليب بالأكف الأصابع، والجملة بعده على تقدير إرادة القسم جواب القسم. وجوز هذه الاحتمالات على تقدير أن يكون المراد منه السورة.
وأمر ربط الجملة على تقدير ابتدائيته وخبريتها ان كان القرآن خاصا بهذه السورة باعتبار كون تعريفه عهديا حضوريا ظاهر. وإن كان عاما فالربط به لشموله للمبتدأ كما قيل في نحو زيد نعم الرجل.
ومنع بعضهم إرادة السورة مطلقا لا تفاق المصاحف على ذكر سورة في العنوان مضافة إلى طه وحينئذ يكون التركيب كإنسان زيد وقد حكموا بقبحه وفيه بحث لا يكاد يخفى حتى على بهيمة الأنعام، وبعضهم إرادة ذلك على تقدير الأخبار بالجملة بعد قال: لأن نفى كون إنزال القررن للشقاء يستدعي وقوع الشقاء مترتبا على إنزاله قطعا إما بحسب الحقيقة كما إذا أريد به التعب أو بحسب زعم الكفرة كما لو أريد به ضد السعادة، ولا ريب في أن ذلك إنما يتصور في إزال ما أنزل من قبل وأما انزال السورة الكريمة فليس مما يمكن ترتب الشقاء السابق عليه حتى يتصدى لنفيه عنه أما باعتبار اتحاد القرآن بالسورة فظاهر، وأما باعتبار الاندراج فلأن مآله أن له يقال: هذه السورة ما أنزلنا القرآن المشتمل عليها لتشقى، ولا يخفى أن جعلها مخبرا عنها مع أنه لا دخل لإنزالها في الشقاء السابق أصلا مما لا يليق بشأن التنزيل اه‍ ولا يخلو عن حسن، وعلى ما روي عن أبي جعفر من أنه من أسمائه صلى الله عليه وسلم يكون منادي وحكمه مشهور، والجملة جواب النداء، ومحله على ما أخرج ابن المنذر. وابن مردويه عن الحبر من أنه قسم أقسم الله تعالى به وهو من أسمائه تباركت أسماؤه النصب أو الجر على ما سمعت آنفا.
وعلى ما روي عن الأمير كرم الله تعالى وجهه. والربيع يكون جملة فعلية وقد مر لك تفصيل ذلك، والجملة بعده مستأنفة استئنافا نحويا أو بيانيا كأنه قيل لم اطؤها؟ فقيل: * (ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى) * وقرأ طلحة * (ما نزل عليك القرآن) * بتشديد الفعل وبنائه للمفعول وإسناده إلى القرآن.
* (إلا تذكرة لمن يخشى) * * (إلا تذكرة) * نصب على الإستثناء المنقطع أي ما أنزلناه لشقائق لكن تذكيرا * (لمن يخشى) * أي لمن شأنه أن يخشى الله تعالى ويتأثر بالإنذار لرقة قليه ولين عريكته أو لمن علم الله تعالى أنه يخشى بالتخويف، والجار والمجرور متعلق بتذكرة أو بمحذوف صفة لها، وخص الخاشي بالذكر مع أن القرآن تذكرة للناس كلهم لتنزيل غيره منزلة العدم فإنه المنتفع به.
وجوز الزمخشري كون " تذكرة " مفعولا له لأنزلنا، وانتصب لاستجماع الشرائط بخلاف المفعول الأول لعدم اتحاد الفاعل فيه، والمشهور عن الجمهور اشتراطه للنصب فلذا جر، ويجوز تعدد العلة بدون عطف وإبدال إذا اختلفت جهة العمل كما هنا لظهور أن الثاني مفعول صريح والأول جار ومجرور، وكذا إذا اتحدت وكانت إحدى العلتين علة للفعل والأخرى علة له بعد تعليله نحو أكرمته لكونه غريبا لرجاء الثواب أو كانت العلة الثانية علة للعلة الأولى نحو لا يعذب الله تعالى التائب لمغفرته له لإسلامه فما قيل عليه من أنه لا يجوز
(١٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 ... » »»