قرأ الأعمش. وقرأ الحسن. والأعرج. وقتادة. ورويس. وحميد. وابن أبي عبلة. وأبو حيوة. ومحبوب عن أبي عمرو * (نورث) * بفتح الواو وتشديد الراء والمراد نبقيها على من كان تقيا من ثمرة تقواه ونمتعه بها كما نبقى على الوارث مال مورثه ونمتعه به فالايراث مستعار للإبقاء، وإيثاره على سائر ما يدل على ذلك كالبيع والهبة لأنه أتم أنواع التمليك من حيث أنه لا يعقب بفسح ولا استرجاع ولا إبطال، وقيل: يورث المتقون من الجنة المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا. أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال: ليس من أحد الأوله في الجنة منزل وأزواج فإذا كان يوم القيامة ورث الله تعالى المؤمن كذا وكذا منزلا من منازل الكفار وذلك قوله تعالى: * (تلك الجنة التي نورث) * الآية، ولا يخفى أن هذا إن صح فيه أثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلى العين والرأس وإلا فقد قيل عليه: إنه ضعيف لأنه يدل على أن بعض الجنة موروث والنظم الجليل يدل على أنها كلها كذلك ولأن الايراث ينبىء عن ملك سابق لا على فرضه مع أنه لا داعي للفرض هنا لكن تعقب بأنه يكفي في الإيراث كون الموروث كان موجودا لكن بشرط التقوى بناء على ما ذهب إليه بعضهم في قولع تعالى: * (جنات عدن التي وعد الرحمن عباده) * (مريم: 61) حيث قال: المراد من العباد ما يعم المؤمن التقي وغيره ووعد غير المؤمن اتقي مشروط بالإيمان والتوقى، نعم اختار الأكثرون أن المراد من العباد هناك المتقون والمراد منهم هنا الأعم، والمراد من التقي من آمن وعمل صالحا على ما قيل، ولا دلالة في الآية على أن غيره لا يدخل الجنة مطلقا، وأخرج ابن أبي حاتم عن داود بن أبي هند أنه الموحد فتذكر ولا تغفل.
* (وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذالك وما كان ربك نسيا) * * (وما نتنزل إلا بأمر ربك) * حكاية قول جبرائيل صلوات الله تعالى وسلامه عليه، فقد روي أنه احتبس عنه صلى الله عليه وسلم أياما حين سئل عن قصة أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فلم يدر عليه الصلاة والسلام كيف يجيب حتى حزن واشتد عليه ذلك وقال المشركون: إن ربه ودعه وقلاه فلما نزل قال له عليه الصلاة والسلام: يا جبريل احتبست عني حتى ساء ظني واشتقت إليك فقال: إني كنت أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست وأنزل الله تعالى هذه الآية وسورة الضحى قاله غير واحد، فهو من عطف القصة على القصة على ما قاله الخفاجي. وفي الكشف وجه وقوع ذلك هذا الموقع أنه تعالى لما فرغ من أقاصيص الأنبياء عليهم السلام تثبيتا له صلى الله عليه وسلم وذنب بما أحدث بعدهم الخلوف واستثنى الإخلاف وذكر جزاء الفريقين عقب بحكاية نزول جبريل عليه السلام وما رماه المشركون به من توديع ربه سبحانه إياه زيادة في التسلية وإن الأمر ليس على ما زعم هؤلاء الخلوف وأدمج فيه مناسبته لحديث التقوى بما دل على أنهم مأمورون في حركة وسكون منقادون مفوضون لطفا له ولأمته صلى الله عليه وسلم ولهذا صرح بعده بقوله تعالى: * (فاعبده واصطبر لعبادته) * (مريم: 65) وفيه انك لا ينبغي أن تكثرت بمقالة المخالفين إلى أن تلقى ربك سعيدا، وعطف عليه مقالة الكفار بيانا لتباين ما بين المقالتين ومعا عليه الملك المعصوم وازنسان الجاهل الظلوم فهو استطراد شبيه بالاعتراض حسن الموقع انتهى، ولا يأبى ما تقدم في سبب النزول ما أخرجه أحمد. والبخاري. والترمذي. والنسائي. وجماعة في سببه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه الصلاة والسلام: