تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١٣ - الصفحة ٦٥
وما دبروه وهو مما أخفوه حتى لا يعلمه غيرهم فلا يمكن تعلمه من الغير ولا يخلو عن حسن، وأيا ما كان ففي الآية إيذان بأن ما ذكر من النبأ هو الحق المطابق للواقع وما ينقله أهل الكتاب ليس على ما هو عليه: * (ومآ أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين) *. * (وما أكثر الناس) * الظاهر العموم، وقال ابن عباس: إنهم أهل مكة * (ولو حرصت) * أي على إيمانهم وبالغت في إظهار الآيات القاطعة الدالة على صدقك عليهم * (بمؤمنين) * لتصميمهم على الكفر وإصرارهم على العناد حسبما اقتضاه استعدادهم * (و * (حرص) * من باب ضرب وعلم وكلاهما لغة فصيحة، وجواب * (لو) * محذوف للعلم به، والجملة معترضة بين المبتدأ والخبر. قال ابن الأنباري: سألت قريش واليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قصة يوسف عليه السلام فنزلت مشروحة شرحا وافيا فأمل عليه الصلاة والسلام أن يكون ذلك سبب اسلامهم، وقيل: إنهم وعدوه أن يسلموا فلما لم يفعلوا عزاه تعالى بذلك. وقيل: إنها نزلت في المنافقين، وقيل: في النصارى، وقيل: في المشركين فقط، وقيل: في أهل الكتاب فقط؛ وقيل: في الثنوية.
* (وما تسألهم عليه من أجر إن هو إلا ذكر للع‍المين) * .
* (وما تسألهم عليه) * أي هذا الانباء أو جنسه أو القرآن، وأياما كان فالضمير عائد على ما يفهم مما قبله والمعنى ما تطلب منهم على تبليغه * (من أجر) * أي جعل ما كما يفعله حملة الأخبار * (إن هو إلا ذكر) * أي ما هو إلا تذكير وعظة من الله تعالى * (للعالمين) * كافة، والجملة كالتعليل لما قبلها لأن الوعظ العام ينافي أخذ الأجرة من البعض لأنه لا يختص بهم. وقيل: اريدانه ليس إلا عظة من الله سبحانه امرت أن أبلغها فوجب على ذلك فكيف أسأل أجرا على أداء الواجب وهو خلاف الظاهر، وعليه تكون الآية دليلا على حرمة أخذ الأجرة على أدار الواجبات. وقرأ مبشر بن عبيد * (وما نسألهم) * بالنون.
* (وكأين من ءاية فى السم‍اوات والارض يمرون عليها وهم عنها معرضون) * .
* (وكأين من ءاية) * أي وكم من آية قال الجلال السيوطي: إن * (كأي) * اسم ككم التكثيرية الخبرية في المعنى مركب من كاف التشبيه وأي الاستفهامية المنونة وحكيت، ولهذا جاز الوقف عليها بالنون لأن التنوين لما دخل في التركيب أشبه النون الأصلية ولذا رسم في المصحف نونا، ومن وقف عليها بحذفه اعتبر حكمه في الأصل، وقيل: الكاف فيها هي الزائدة قال ابن عصفور: ألا ترى أنك لا تريد بها معنى التشبيه وهي مع ذا لازمة وغير متعلقة بشيء وأي مجرورها، وقيل: هي اسم بسيط واختاره أبو حيان قال: ويدل على ذلك تلاعب العرب بها في اللغات، وإفادتها للاستفهام نادر حتى أنكره الجمهور، ومنه قول أبي لابن مسعود: كأين تقرأ سورة الأحزاب آية؟ فقال: ثلاثا وسبعين، والغالب وقوعها خبرية ويلزمها الصدر فلا تجر خلافا لابن قتيبة. وابن عصفور ولا يحتاج إلى سماع، والقياس على كم يقتضي أن يضاف إليها ولا يحفظ ولا يخبر عنها إلا بجملة فعلية مصدرة بماض أو مضارع كما هنا، قال أبو حيان: والقياس أن تكون في موضع نصب على المصدر أو الظرف أو خبر كان كما كان ذلك في كم. وفي البسيط أنها تكون مبتدأ وخبرا ومفعولا ويقوال فيها: كائن بالمد بوزن اسم الفاعل من كان ساكنة النون وبذلك، قرأ ابن كثير * (وكأ) * بالقصر بوزن * (عم) * * (وكأي) *
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»