تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ٤٠
خاصة ذاتية إلى ذويها مصححة لإرسال الرسل الآخر وهي رسل خارجية. وبعض المعتزلة حمل الرسول في قوله تعالى: * (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) * (الإسراء: 15) على العقل أيضا. وهذه الأسئلة عند بعض المؤولين والأجوبة والشهادات كلها بلسان الحال وإظهار الأوصاف * (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى) * أي الأبدان أو القلوب * (بظلم وأهلها غافلون) * (الأنعام: 131) بل ينبهم بالعقل وإرشاده إقامة للحجة ولله تعالى الحجة البالغة * (ولكل درجات) * (الأنعام: 132) مراتب في القرب والبعد * (وربك الغني) * لذاته عن كل ما سواه * (ذو الرحمة) * العامة الشاملة فخلق العباد ليربحوا عليه لا ليربح عليهم، والغني عند الكثير مشير إلى نعت الجلال وذو الرحمة إلى صفة الجمال * (إن يشأ يذهبكم) * لغناه الذاتي عنكم * (ويستخلف من بعدكم ما يشاء) * (الأنعام: 133) من أهل طاعته برحمته * (قل... اعملوا على مكانتكم) * أي جهتكم من الاستعداد * (إني عامل) * (الأنعام: 135) على مكانتي من ذلك * (وهو الذي أنشأ) * في قلوب عباده * (جنات معروشات) * ككرم العشق والمحبة * (وغير معروشات) * وهي الصفات الروحانية التي جبلت القلوب عليها كالسخاء والوفاء والعفة والحلم. والشجاعة * (والنخل) * أي نخل الإيمان * (والزرع) * أي زرع إرادات الأعمال الصالحة * (والزيتون) * أي زيتون الإخلاص * (والرمان) * أي رمان شجر الإلهام، وقيل في كل غير ذلك وباب التأويل واسع * (كلوا من ثمره) * وهو المشاهدات والمكاشفات * (إذا أثمر وآتوا) * المريدين * (حقه) * وهو الإرشاد والموعظة الحسنة * (يوم حصاده) * أوان وصولكم فيه إلى مقام التمكين والاستقامة * (ولا تسرفوا) * بالكتمان عن المستحقين أو بالشروع في الكلام في غير وقته والدعوة قبل أوانها * (إنه لا يحب المسرفين) * (الأنعام: 141) لا يرتضي فعلهم * (ومن الأنعام) * أي قوى الإنسان * (حمولة) * ما هو مستعد لحمل الأمانة وتكاليف الشرع * (وفرشا) * ما هو مستعد لإصلاح القالب وقيام البشرية * (كلوا مما رزقكم الله) * وهو مختلف فرزق القلب هو التحقيق من حيث البرهان ورزق الروح هو المحبة بصدق التحرز عن الأكوان. ورزق السر هو شهود العرفان بلحظ العيان * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان) * بالميل إلى الشهوات الفانية والاحتجاب بالسوي * (إنه لكم عدو مبين) * (الأنعام: 142) يريد أن يحجبكم عن مولاكم والله تعالى الموفق لسلوك الرشاد.
* (ثم‍انية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين قل ءآلذكرين حرم أم الأنثيين أما اشتملت عليه أرحام الأنثيين نبئوني بعلم إن كنتم ص‍ادقين) *.
* (ثمانية أزواج) * الزوج يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى في الحيوانات المتزاوجة ويطلق على مجموعهما، والمراد به هنا الأول وإلا كانت أربعة. وإيرادها بهذا العنوان وهذا العدد أوفق لما سيق له الكلام. و * (ثمانية) * - على ما قاله الفراء واختاره غير واحد من المحققين - بدل من * (حمولة وفرشا) * ( الأنعام: 142) منصوب بما نصبهما وهو ظاهر على تفسير الحمولة والفرش بما يشمل الأزواج الثمانية أما لو خص ذلك بالإبل ففيه خفاء. وجوز أن يكون التقدير وأنشأ ثمانية وأنه معطوف على * (جنات) * (الأنعام: 141) وحذف الفعل وحرف العطف، وضعفه أبو البقاء ووجهه لا يخفى. وأن يكون مفعولا لكلوا الذي قبله والتقدير كلوا لحم ثمانية أزواج * (ولا تتبعوا) * (الأنعام: 142) جملة معترضة. وأن يكون حالا من ما مرادا بها الأنعام ويؤول بنحو مختلفة أو متعددة ليكون بيانا للهيئة، وهو عند من يشترط في الحال أن يكون مشتقا أو مؤولا به ظاهر. وتعقب ذلك شيخ الإسلام " بأنه يأباه جزالة النظم الكريم لظهور أنه مسوق لتوضيح حال الأنعام بتفصيلها أولا إلى حمولة وفرش ثم تفصيلها إلى ثمانية أزواج حاصلة من تفصيل الأول إلى الإبل والبقر وتفصيل الثاني إلى الضأن والمعز ثم
(٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 ... » »»