حرف العطف. وادعى الإمام " أن في الكلام تقديرا لأن النفي لا يصرف إلى ذوات الآباء بل يجب صرفه إلى فعل صدر منهم وذلك هو الإشراك فيكون التقدير ما أشركنا ولا أشرك آباؤنا وحينئذ فلا إشكال ".
* (حتى ذاقوا بأسنا) * أي نالوا عذابنا الذي أنزلناه عليهم بتكذيبهم، وفيه - على ما قيل - إيماء إلى أن لهم عذابا مدخرا عند الله تعالى لأن الذوق أول إدراك الشيء. * (قل هل عندكم من علم) * أي من أمر معلوم يصح الاحتجاج به على زعمكم * (فتخرجوه) * أي فتظهروه * (لنا) * على أتم وجه وأوضح بيان، وقيل: المراد هل لكم من اعتقاد ثابت مطابق فيما اتدعيتم أن الإشراك وسائر ما أنتم عليه مرضي لله تعالى فتظهروه لنا بالبرهان، وجعل إمام الحرمين في " الإرشاد " هذا وما بعده دليلا على أن المشركين إنما استوجبوا التوبيخ على قولهم ذلك لأنهم كانوا يهزؤن بالدين ويبغون رد دعوة الأنبياء عليهم السلام حيث قرع مسامعهم من شرائع الرسل عليهم السلام تفويض الأمور إليه سبحانه فحين طالبوهم بالإسلام والتزام الأحكام احتجوا عليهم بما أخذوه من كلامهم مستهزئين بهم عليهم الصلاة والسلام ولم يكن غرضهم ذكر ما ينطوي عليه عقدهم كيف لا والإيمان بصفات الله تعالى فرع الإيمان به عز شأنه وهو عنهم مناط العيوق.
* (إن تتبعون) * أي ما تتبعون في ذلك * (إلا الظن) * الباطل الذي لا يغني من الحق شيئا أو المراد إن عادتكم وجل أمركم أنكم لا تتبعون إلا الظن * (وإن أنتم إلا تخرصون) * تكذبون على الله تعالى، وقد تقدم الكلام في حكم اتباع الظن على التفصيل فتذكر.
* (قل فلله الحجة البالغة فلو شآء لهداكم أجمعين) *.
* (قل فلله) * خاصة * (الحجة البالغة) * أي البينة الواضحة التي بلغت غاية المتانة والقوة على الإثبات أو بلغ بها صاحبها صحة دعواه ك * (عيشة راضية) * (القارعة: 7)، والمراد بها في المشهور الكتاب والرسول والبيان، وقال شيخ مشايخنا الكوراني: (الحجة البالغة) إشارة إلى أن العلم تابع للمعلوم وأن إرادة الله تعالى متعلقة بإظهار ما اقتضاه استعداد المعلوم في نفسه مراعاة للحكمة جودا ورحمة لا وجوبا. وهي من الحج بمعنى القصد كأنها يقصد بها إثبات الحكم وتطلبه أو بمعنى الغلبة وهو المشهور، والفاء جواب شرط محذوف أي إذ ظهر أن لا حجة لكم قل فلله الحجة.
* (فلو شاء) * هدايتكم جميعا * (لهداكم أجمعين) * بالتوفيق لها والحمل عليها ولكن شاء هداية البعض الصارفين اختيارهم إلى سلوك طريق الحق وضلال آخرين صرفوه إلى خلاف ذلك. وقال الكوراني: المراد لكنه لم يشأ إذ لم يعلم أن لكم هداية يقتضيها استعدادكم بل المعلوم له عدم هدايتكم وهو مقتضى استعدادكم الأزلي الغير المجعول. وهذا تحقيق للحق ولا ينافي ما في صدر الآية لما علمت من مرادهم به، وفائدة إرسال الرسل على القول بالاستعداد تحريك الدواعي للفعل والترك باختيار المكلف الناشيء من ذلك الاستعداد وقطع اعتذار الظالمين، وقد أشرنا إلى ذلك من قبل فتذكر.
وذكر ابن المنير وجها آخر في توجيه ما في الآية وهو " أن الرد عليهم إنما كان لاعتقادهم أنهم مسلوبون اختيارهم وقدرتهم وأن إشراكهم إنما صدر منهم على وجه الإضطرار وزعموا أنهم يقيمون الحجة على الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام بذلك فرد الله تعالى قولهم (وكذبهم) في دعواهم عدم الإختيار لأنفسهم وشبههم بمن اغتر قبلهم بهذا