تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ٨ - الصفحة ٣٦
القول الفعل حيث إن المعهود من ذوي المروءة جبر قلوب الإناث لضعفهن. ولذا يندب للرجل إذا أعطى شيئا لولده أن يبدأ بإنثاهم، وأما الثاني فمراعاة ما يشبه الطباق بوجه بين خالصة وذكورنا وبين محرم وأزواجنا وهو كما ترى.
* (وإن يكن ميتة) * عطف على ما يفهم من الكلام أي ذلك حلال للذكور محرم على الإناث إن ولد حيا وإن ولدت ميتة * (فهم) * أي الذكور والإناث * (فيه) * أي فيما في بطون الأنعام، وقيل: الضمير للميتة إلا أنه لما كان المراد بها ما يعم الذكر والأنثى غلب الذكر فذكر الضمير كما فعل ذلك فيما قبله * (شركاء) * يأكلون منه جميعا، وهذا الذي ذكر في هذه الشرطية إنما يظهر على القول الأول في تفسير الموصول، وأما على القول الثاني فيه فلا. ولعل الذي يقول به يقرأ الآية بإحدى الأوجه الآتية أو يتأول الضمير، وقرأ الأعرج وقتادة * (خالصة) * بالنصب وخرج ذلك على أنه مصدر مؤكد وخبر المبتدأ * (لذكورنا) *، وقال القطب الرازي: يجوز أن يكون حالا من الضمير في الظرف الواقع صلة أي في حال خلوصه من البطون أي خروجه حيا، والتزم جعلها حالا مقدرة ولعله ليس باللازم، ومنع غير واحد جعله حالا من الضمير فيما بعده أو من ذكورنا نفسه لأن الحال لا تتقدم على العامل المعنوي كالجار والمجرور واسم الإشارة وها التنبيه العاملة بما تضمنته من معنى الفعل ولا على صاحبها المجرور كما تقرر في محله، وقرأ ابن جبير * (خالصا) * بدون تاء من النصب أيضا؛ والكلام فيه نظير ما مر، وقرأ ابن عباس وابن مسعود والأعمش * (خالصة) * بالرفع والإضافة إلى الضمير على أنه بدل من ما أو مبتدأ ثان، وقرأ ابن عامر وأبو جعفر " وإن تكن " بالتاء " ميتة " بالرفع، وابن كثير " يكن " بالياء وميتة بالرفع. وأبو بكر عن عاصم " تكن " بالتاء كابن عامر " ميتة " بالنصب. قال الإمام: " وجه قراءة ابن عامر أنه ألحق الفعل علامة التأنيث لما كان الفاعل مؤنثا في اللفظ، ووجه قراءة ابن كثير أن * (ميتة) * اسم * (يكن) * وخبره مضمر أي إن يكن لهم أو هناك ميتة، وذكر لأن الميتة في معنى الميت ". وقال أبو علي: لم يلحق الفعل علامة التأنيث لأن تأنيث الفاعل المسند إليه غير حقيقي ولا تحتاج كان إلى خبر لأنها بمعنى وقع وحدث، ووجه القراءة الأخيرة أن المعنى وإن تكن الأجنة أو الأنعام ميتة.
* (سيجزيهم) * ولا بد * (وصفهم) * الكذب على الله تعالى في أمر التحليل والتحريم من قوله تعالى: * (وتصف ألسنتهم الكذب) * (النحل: 62) وهو - كما قال بعض المحققين - من بليغ الكلام وبديعه فإنهم يقولون: وصف كلامه الكذب إذا كذب، وعينه تصف السحر أي ساحر، وقده يصف الرشاقة بمعنى رشيق مبالغة حتى كان من سمعه أو رآه وصف له ذلك بما يشرحه له، قال المعري: سرى برق المعرة بعد وهن * فبات برامة يصف الملالا ونصب * (وصفهم) * على ما ذهب إليه الزجاج لوقوعه موقع مصدر " يجزيهم " فالكلام على تقدير المضاف أي جزاء وصفهم، وقيل: التقدير سيجزيهم العقاب بوصفهم أي بسببه فلما سقط الباء نصب * (وصفهم) *.
* (إنه حكيم عليم) * تعليل للوعد بالجزاء فإن الحكيم العليم بما صدر عنهم لا يكاد يترك جزاءهم الذي هو من مقتضيات الحكمة. واستدل بالآية على أنه لا يجوز الوقف على أولاده الذكور دون الإناث وأن ذلك الوقف يفسخ ولو بعد موت الواقف لأن ذلك من فعل الجاهلية، واستدل بذلك بعض المالكية على مثل ذلك
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»