الحال وهو بعيد.
* (وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات والأرض) * من الموجودات سواء كانت داخلة في حقيقتهما وبذلك يعلم حال أنفسهما على أبلغ وجه وآكده، أو خارجة عنهما مستقرة فيهما من العقلاء وغيرهم ويدخل في ذلك المخاطبون دخولا أوليا أي كل ذلك له تعالى خلقا وملكا وتصرفا، ولا يخرج من ملكوته وقهره ذرة فما دونها، والجملة دليل الجواب أقيم مقامه لأن مضمونها مقرر قبل كفرهم فلا يصلح للجواب، والتقدير وإن تكفروا فهو سبحانه قادر على تعذيبكم بكفرهم لأن له جل شأنه ما في السموات والأرض، أو فهو غني عنكم لا يتضرر بكفركم كما لا ينتفع بإيمانكم، وقال بعضهم: التقدير وإن تكفروا فقد كابرتم عقولكم فإن لله سبحانه ما له مما يدل على ما ينافي حالكم واعتقادكم فكيف يتأتى الكفر به مع ذلك، وقيل: التقدير وإن تكفروا فإن عبيدا غيركم لا يكفرون بل يعبدونه وينقادون لأمره ولا يخلو عن بعد. * (وكان الله عليما ) * بأحوال كل ويدخل في ذلك كفرهم دخولا أوليا * (حكيما) * في جميع أفعاله وتدبيراته، ويدخل في ذلك كذلك تعذيب من كفر..
* (ياأهل الكتابلا تغلوا فى دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فاامنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إلاه واحد سبحانه أن يكون له ولد له وما فى السماوات وما فى الارض وكفى بالله وكيلا) *.
* (يا أهل الكتاب) * تجريد للخطاب وتخصيص له بالنصارى زجرا لهم عما هم عليه من الضلال البعيد، وإلى ذلك ذهب أبو علي الجبائي وأبو مسلم وجماعة من المفسرين، وعن الحسن أنه خطاب لهم ولليهود لأن الغلو أي مجاوزة الحد والإفراط المنهي عنه في قوله تعالى: * (لا تغلوا في دينكم) * وقع منهم جميعا، أما النصارى فقال بعضهم: عيسى عليه السلام ابن الله عز وجل، وبعضهم أنه الله سبحانه، وآخرون ثالث ثلاثة وأما اليهود فقالوا: إنه عليه السلام ولد لغير رشده، ورجح ما عليه الجماعة بأن قول اليهود قد نعى فيما سبق وبأنه أوفق بما بعد * (ولا تقولوا على الله إلا الحق) * أي لا تذكروا ولا تعتقدوا إلا القول الحق دون القول المتضمن لدعوى الاتحاد والحلول واتخاذ الصاحبة والولد والاستثناء مفرغ، وهو متصل عند الأكثرين. وادعى بعض أن المراد من الحق هنا تنزيهه تعالى عن الصاحبة والولد، والأشبه بالإستثناء الانقطاع لأن التنزيه لا يكون مقولا عليه بل له وفيه لأن معنى قال عليه افترى وهو مخالف لما عليه الأكثر في الاستثناء المفرغ فافهم.
* (إنما المسيح) * بالتخفيف، وقد مر معناه، وقرىء المسيح بكسر الميم وتشديد السين كالسكيت وهو مبتدأ، وقوله تعالى: * (عيسى) * بدل منه أو عطف بيان له - كما قال أبو البقاء وغيره - وقوله تعالى: * (ابن مريم) * صفة له مفيدة بطلان ما زعموه فيه من بنوته عليه السلام له عز وجل، وقوله سبحانه: * (رسول الله) * خبر المبتدأ والجملة مستأنفة مسوقة لتعليل النهي عن القول الباطل المستلزم للأمر بضده أي أنه عليه السلام مقصور على رتبة الرسالة لا يتخطاها إلى ما تقولون * (وكلمته) * عطف على * (رسول الله) * ومعنى كونه (كلمة) أنه حصل بكلمة كن من غير مادة معتادة، وإلى ذلك ذهب الحسن وقتادة.
وقال الغزالي قدس سره: لكل مولود سبب قريب وبعيد، فالأول: المني والثاني: قول كن، ولما دل الدليل على عدم القريب في حق عيسى عليه السلام أضافه إلى البعيد، وهو قول كن إشارة إلى انتفاء القريب، وأوضحه بقوله سبحانه: * (ألقاها إلى مريم) * أي أوصلها إليها وحصلها فيها، فجعله كالمني الذي يلقى في الرحم فهو استعارة، وقيل: معناه أنه يهتدي بكلام الله تعالى، وروي ذلك عن أبي علي الجبائي، وقيل: معناه بشارة الله تعالى