* (والمقيمين الصلاة) * على أكمل وجه * (والمؤتون الزكاة) * ببذل قوامهم في أصناف الطاعة * (والمؤمنون بالله واليوم الآخر) * أي بالمبدأ والمعاد، والمراد من المتعاطفات طائفة واحدة كما قدمنا * (أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما) * (النساء: 162) لا يقادر قدره فيما أعد لهم من الجنات * (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح) * (النساء: 163) الآية التشبيه على حد التشبيه في قوله تعالى: * (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) * (البقرة: 183) على قول: * (رسلا مبشرين) * بتجليات اللطف * (ومنذرين) * بتجليات القهر * (لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل) * أي لئلا يكون لهم ظهور وسلطنة بعد ما محى ذلك بأمداد الرسل * (وكان الله عزيزا) * فيمحو صفاتهم ويفني ذواتهم * (حكيما) * (النساء: 165) فيفيض عليهم من صفاته ويبقيهم في ذاته حسبما تقتضيه الحكمة * (لكن الله يشهد بما أنزل إليك) * لتجليه فيه سبحانه * (أنزله بعلمه) * أي متلبسا بعلمه المحيط الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض. ومن هنا علم صلى الله عليه وسلم ما كان وما هو كائن * (والملائكة) * هم أصحاب النفوس القدسية * (يشهدون) * أيضا لعدم احتجابهم * (وكفى بالله شهيدا) * (النساء: 166) لأنه الجامع ولاموجود غيره، والله تعالى الموفق للصواب..
* (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله قد ضلوا ضلالا بعيدا) *.
* (إن الذين كفروا) * بما أنزل إليك، أو بكل ما يجب الإيمان به ويدخل ذلك فيه دخولا أوليا، والمراد بهم اليهود، وكأن الجملة لبيان حكم الله سبحانه فيهم بعد بيان حالهم وتعنتهم * (وصدوا عن سبيل الله) * أي دين الإسلام من أراد سلوكه بإنكارهم نعت النبي صلى الله عليه وسلم وقولهم: لا نعرفه في كتابنا، وأن شريعة موسى عليه السلام لا تنسخ، وأن الأنبياء لا يكونون إلا من أولاد هارون وداود عليهما السلام. وقرىء * (صدوا) * بالبناء للمفعول * (قد ضلوا) * بالكفر والصد * (ضلالا بعيدا) * لأنهم جمعوا بين الضلال والإضلال ولأن المضل يكون أقوى وأدخل في الضلال وأبعد عن الانقلاب عنه..
* (إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم طريقا) *.
* (إن الذين كفروا) * بما ذكر آنفا * (وظلموا) * محمدا صلى الله عليه وسلم بإنكار نبوته وكتمان نعوته الجليلة، أو الناس بصدهم لهم عن الصراط المستقيم، والمراد إن الذين جمعوا بين الكفر وهذا النوع من الظلم. * (لم يكن الله ليغفر لهم) * لاستحالة تعلق المغفرة بالكافر، والآية في اليهود على الصحيح، وقيل: إنها في المشركين وما قبلها في اليهود، وزعم بعضهم أن المراد من الظلم ما ليس بكفر من سائر أنواع الكبائر، وحمل الآية على معنى إن الذين كان بعضهم كافرين، وبعضهم ظالمين أصحاب كبائر لم يكن الخ، ولا يخفى أن ذلك عدول عن الظاهر لم يدع إليه إلا اعتقاد أن العصاة مخلدون في النار تخليد الكفار، والآية تنبو عن هذا المعتقد، فإنه قد جعل فيها الفعلان كلاهما صلة للموصول فيلزم وقوع الفعلين جميعا من كل واحد من آحاده، الا تراك إذا قلت: الزيدون قاموا فقد أسندت القيام إلى كل واحد من آحاد الجمع، فكذلك لو عطفت عليه فعلا آخر لزم فيه ذلك ضرورة، وسياق الآية أيضا يأبى ذلك المعنى لكن لم يزل ديدن المعتزلة اتباع الهوى فلا يبالون بأي واد وقعوا * (ولا ليهديهم طريقا) *..
* (إلا طريق جهنم خالدين فيهآ أبدا وكان ذالك على الله يسيرا) *.
* (إلا طريق جهنم) * لعدم استعدادهم للهداية إلى الحق والأعمال الصالحة التي هي طريق الجنة، والمراد من الهداية المفهومة من الاستثناء بطريق الإشارة كما قال غير واحد: خلقه سبحانه لأعمالهم السيئة المؤدية لهم إلى جهنم حسب استعدادهم، أو سوقهم إلى جهنم يوم القيامة بواسطة الملائكة، وذكر بعضهم أن التعبير بالهداية تهكم إن لم يرد بها مطلق الدلالة، والطريق على عمومه، والاستثناء متصل