ألف كافر حربي على ما أشار إليه حجة الإسلام الغزالي قدس سره * (والذين آمنوا بالله ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم) * وهم المؤمنون جمعا وتفصيلا لا يحجبهم جمع عن تفصيل ولا تفصيل عن جمع كالسادة الصادقين من أهل الوحدة * (أولئك سوف يؤتيهم أجورهم) * من الجنات الثلاث * (وكان الله غفورا) * يستر ذواتهم وصفاتهم * (رحيما) * (النساء: 152) يرحمهم بالوجود الموهوب الحقاني والبقاء السرمدي * (يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء) * أي علما يقينيا بالمكاشفة من سماء الروح * (فقد سألوا موسى أكبر من ذلك فقالوا أرنا الله جهرة) * أي طلبوا المشاهدة ولا شك أنها أكبر وأعلى من المكاشفة * (فأخذتهم الصاعقة) * أي استولت عليهم نار الأنانية وأهلكت استعدادهم بظلمهم وهو طلبهم المشاهدة مع بقاء ذواتهم * (ثم اتخذوا العجل) * أي عجل الشهوات الذي صاغه لهم سامري النفس الأمارة * (من بعد ما جاءتهم البينات) * الرادعة لهم عن ذلك * (وآتينا موسى سلطانا مبينا) * (النساء: 153) وهو سطوع نور التجلي من وجهه حتى احتاج إلى أن يستر وجهه بالبرقع رحمة بخفافيش أمته * (ورفعنا فوقهم الطور) * أي جعلناه مستوليا عليهم * (بميثاقهم) * أي بسبب أن يعطوا الميثاق، وأشير بالطور إلى موسى عليه السلام، أو إلى العقل ورفعه فوقهم تأييده بالأنوار الإلهية * (وقلنا لهم ادخلوا الباب) * أي باب السير والسلوك الموصل إلى حضيرة القدس وملك الملوك * (سجدا) * (النساء: 154) خضعا متذللين، وقوله تعالى: * (بل رفعه الله إليه) * (النساء: 158) أشير به - على ما ذكره بعض القوم والعهدة عليه - إلى اتصال روحه عليه السلام بالعالم العلوي عند مفارقته للعالم السفلي، وذلك الرفع عندهم إلى السماء الرابعة لأن مصدر فيضان روحه عليه السلام روحانية فلك الشمس الذي هو بمثابة قلب العالم، ولما لم يصل إلى الكمال الحقيقي الذي هو درجة المحبة لم يكن له بد من النزول مرة أخرى في صورة جسدانية، يتبع الملة المحمدية لنيل تلك الدرجة العلية، وحينئذ يعرفه كل أحد فيؤمن به أهل الكتاب أي أهل العلم العارفين بالمبدأ والمعاد كلهم عن آخرهم قبل موته عليه السلام بالفناء بالله عز وجل، فإذا آمنوا به يكون يوم القيامة أي يوم بروزهم عن الحجب الجسمانية وانتباههم عن نوم الغفلة شهيدا، وذلك بأن يتجلى الحق عليهم في صورته * (فبظلم من الذين هادوا) * وهو عبادتهم عجل الشهوات واتخاذه إلها وامتناعهم عن دخول باب حضيرة القدس واعتدائهم في السبت بمخالفة الشرع الذي هو المظهر الأعظم والاحتجاب عن كشف توحيد الأفعال ونقضهم ميثاق الله تعالى واحتجابهم عن توحيد الصفات الذي هو كفر بآيات الله تعالى إلى غير ذلك من المساوي:
مساو لو قسمن على الغواني * لما أمهرن إلا بالطلاق * (حرمنا عليهم طيبات) * عظيمة جليلة وهي ما في الجنات الثلاث * (أحلت لهم) * بحسب استعدادهم لولا هذه الموانع * (وبصدهم عن سبيل الله) * أي طريقه الموصلة إليه سبحانه * (كثيرا) * (النساء: 160) أي خلقا كثيرا وهي القوى الروحانية * (وأخذهم الربا) * وهو فضول العلم الرسمي الجدلي الذي هو كشجرة الخلاف لا ثمرة له، وكاللذات البدنية والحظوظ النفسانية * (وقد نهوا عنه) * لما أنه الحجاب العظيم * (وأكلهم أموال الناس بالباطل) * (النساء: 161) أي استعمال علوم القوى الروحانية في تحصيل الخسائس الدنيوية، أو أخذ ما في أيدي العباد برذيلة الحرص والطمع * (لكن الراسخون في العلم) * المستقيمون في السماع الخاص من الله سبحانه من غير معارضة النفوس واضطراب الأسرار * (والمؤمنون) * بالإيمان العياني حال كونهم * (يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك) * من الأحكام الشرعية والأسرار الإلهية