رضي الله تعالى عنه وهو الظاهر، وقيل: اللي المطل في أدائها، ونسب إلى ابن عباس رضي الله تعالى عنها. * (أو تعرضوا) * أي تتركوا إقامتها رأسا وهو خطاب للشهود، وقيل: إن الخطاب للحكام، واللي الحكم بالباطل، والإعراض عدم الإلتفات إلى أحد الخصمين، ونسب هذا إلى السدي، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أيضا، وقرأ حمزة * (وإن تلوا) * بضم اللام وواو ساكنة وهو من الولاية بمعنى مباشرة الشهادة، وقيل: إن أصله تلووا بواوين أيضا نقلت ضمة الواو بعد قلبها همزة، أو ابتداءا إلى ما قبلها ثم حذفت لالتقاء الساكنين، وعلى هذا فالقراءتان بمعنى * (فإن الله كان بما تعملون) * من اللي والإعراض، أو من جميع الأعمال التي من جملتها ما ذكر * (خبيرا) * عالما مطلعا فيجازيكم على ذلك، وهو وعيد محض على القراءة الأولى، وعلى القراءة الأخيرة يحتمل أن يكون كذلك وأن يكون متضمنا " للوعد ".
والآية كما أخرج ابن جرير عن السدي نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم تصم إليه رجلان غني وفقير فكان خلقه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني فأبى الله تعالى إلا أن يقول بالقسط في الغني والفقير، وهي متضمنة للشهادة على من ذكره الله تعالى، ولا تعرض فيها للشهادة لهم على ما هو الظاهر، وحملها بعضهم على ما يشمل القسمين، وروي ذلك عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما كما أشرنا إليه فيجوز عنده شهادة الولد لوالده والوالد لولده. وحكي عن ابن شهاب الزهري أنه قال: كان سلف المسلمين على ذلك حتى ظهر من الناس أمور حملت الولاة على اتهامهم فتركت شهادة من يتهم، ولا يخفى أن حمل الآية على ذلك بعيد جدا، وأبعد منه بمراحل - بل ينبغي أن يكون من باب الإشارة - كون المراد منها كونوا شهداء لله تعالى بوحدانيته وكمال صفاته وحقية أحكامه ولو كان ذلك مضرا لأنفسكم أو لوالديكم وأقربيكم بأن توجب الشهادة ذهاب حياة هؤلاء أو أموالهم أو غير ذلك * (إن يكن) * أي الشاهد * (غنيا) * تضر شهادته بغناه * (أو فقيرا) * تسد شهادته باب دفع الحاجة عليه * (فالله) * تعالى * (أولى بهما) * من أنفسهما، فينبغي أن يرجحا الله تعالى على أنفسهما، واستدل بالآية على أن العبد لا مدخل له في الشهادة إذ ليس قواما بذلك لكونه ممنوعا من الخروج إلى القاضي؛ وعلى وجوب التسوية بين الخصمين على الحاكم، وهو ظاهر على رأي، ووجه مناسبتها لما تقدم على ما في " البحر " " أنه تعالى لما ذكر النساء والنشوز والمصالحة عقبه بالقيام لأداء الحقوق، وفي الشهادة حقوق، أو لأنه سبحانه لما بين أن طالب الدنيا ملوم وأشار إلى أن طالب الأمرين أو أشرفهما هو الممدوح بين أن كمال ذلك أن يكون قول الإنسان وفعله لله تعالى، أو لأنه تعالى شأنه لما ذكر في هذه السورة * (وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى) * (النساء: 3) والإشهاد عند دفع أموالهم إليهم وأمر ببذل النفس والمال في سبيل الله تعالى وذكر قصة الخائن واجتماع قومه على الكذب والشهادة بالباطل وندب للمصالحة عقب ذلك بأن أمر عباده المؤمنين بالقيام بالعدل والشهادة لوجه الله تعالى ":.
* (ياأيها الذين ءامنوا ءامنوا بالله ورسوله والكتابالذى نزل على رسوله والكتابالذىأنزل من قبل ومن يكفر بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر فقد ضل ضلالا بعيدا) *.
* (يا أيها الذين ءآمنوا) * خطاب للمسلمين كافة فمعنى قوله تعالى: * (ءآمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب الذي أنزل من قبل) * أثبتوا على الإيمان بذلك وداوموا عليه، وروي هذا عن الحسن واختاره الجبائي، وقيل: الخطاب لهم، والمراد ازدادوا في الإيمان طمأنينة ويقينا، أو: آمنوا بما ذكر مفصلا بناءا على أن إيمان بعضهم إجمالي، وأيا ما كان فلا يلزم تحصيل الحاصل، وقيل: الخطاب للمنافقين المؤمنين ظاهرا فمعنى * (آمنوا) * أخلصوا الإيمان، واختاره الزجاج وغيره. وقيل: لمؤمني اليهود خاصة، ويؤيده ما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما " أن عبد الله بن سلام وأسد