ظرف مستقر وقع خبرا لكان المحذوفة وإن كان في الأصل صلة الشهادة لأن متعلق المصدر قد يجعل خبرا عنه فيصير مستقرا مثل الحمد لله ولا يجوز ذلك في اسم الفاعل ونحوه، ويجوز أن يكون ظرفا لغوا متعلقا بخبر محذوف أي ولو كانت الشهادة وبالا على أنفسكم، وعلقه أبو البقاء بفعل دل عليه * (شهداء) * أي لو شهدتم على أنفسكم وجوز تعلقه - بقوامين - وفيه بعد، * (ولو) * إما على أصلها أو بمعنى إن وهي وصلية، وقيل: جوابها مقدر أي لوجب أن تشهدوا عليها * (أو الوالدين والأقربين) * أي ولو كانت على والديكم وأقرب الناس إليكم أو ذوي قرابتكم، وعطف الأول - بأو - لأنه مقابل للأنفس وعطف الثاني عليه بالواو لعدم المقابلة.
* (إن يكن) * أي المشهود عليه * (غنيا) * يرجى في العادة ويخشى * (أو فقيرا) * يترحم عليه في الغالب ويحنى، وقرأ عبد الله - إن يكن غني أو فقير - بالرفع على إن كان تامة، وجواب الشرط محذوف دل عليه قوله تعالى: * (فالله أولى بهما) * أي فلا تمتنعوا عن الشهادة على الغني طلبا لرضاه أو على الفقير شفقة عليه لأن الله تعالى أولى بالجنسين وأنظر لهما من سائر الناس، ولولا أن حق الشهادة مصلحة لهما لما شرعها فراعوا أمر الله تعالى فإنه أعلم بمصالح العباد منكم، وقرأ أبي - فالله أولى بهم - بضمير الجمع وهو شاهد على أن المراد جنسا الغني والفقير وأن ضمير التثنية ليس عائدا على الغني والفقير المذكورين لأن الحكم في الضمير العائد على المعطوف - بأو - الإفراد كما قيل: لأنها لأحد الشيئين أو الأشياء، وقيل: إن * (أو) * بمعنى الواو، والضمير عائد إلى المذكورين، وحكي ذلك عن الأخفش، وقيل: إنها على بابها وهي هنا لتفصيل ما أبهم في الكلام، وذلك مبني على أن المراد بالشهادة ما يعم الشهادة للرجل والشهادة عليه، فكل من المشهود له والمشهود عليه يجوز أن يكون غنيا وأن يكون فقيرا فقد يكونان غنيين، وقد يكونان فقيرين، وقد يكون أحدهما فقيرا والآخر غنيا، فحيث لم تذكر الأقسام أتى - بأو - لتدل على ذلك، فضمير التثنية على المشهود له والمشهود عليه على أي وصف كانا عليه، وقيل: غير ذلك، وقال الرضي: الضمير الراجع إلى المذكور المتعدد الذي عطف بعضه على بعض - بأو - يجوز أن يوحد وأن يطابق المتعدد، وذلك يدور على القصد، فيجوز: جاءني زيد أو عمرو وذهب، أو وهما ذاهبان إلى المسجد، وعلى هذا لا حاجة إلى التوجيه لعدم صحة التثنية ووجوب الإفراد في مثل هذا الضمير، نعم قيل: إن الظاهر الإفراد دون التثنية، وإن جاز كل منهما فيحتاج العدول عن الظاهر إلى نكتة. وادعى بعضهم أنها تعميم الأولوية ودفع توهم اختصاصها بواحد فتأمل.
* (فلا تتبعوا الهوى) * أي هوى أنفسكم * (أن تعدلوا) * من العدول والميل عن الحق، أو من العدل مقابل الجور وهو في موضع المفعول له، إما للاتباع المنهي عنه أو للنهي، فالاحتمالات أربعة: الأول: أن يكون بمعنى العدول وهو علة للمنهي عنه، فلا حاجة إلى تقدير، والثاني: أن يكون بمعنى العدل وهو علة للمنهي عنه فيقدر مضاف أي كراهة أن تعدلوا، والثالث: أن يكون بمعنى العدول وهو علة للنهي فيحتاج إلى التقدير كما في الاحتمال الثاني أي أنهاكم عن اتباع الهوى كراهة العدول عن الحق، والرابع: أن يكون بمعنى العدل وهو علة للنهي فلا يحتاج إلى التقدير كما في الاحتمال الأول، أي أنهاكم عن اتباع الهوى للعدل وعدم الجور.
* (وإن تلووا) * ألسنتكم عن الشهادة بأن تأتوا بها على غير وجهها الذي تستحقه كما روي ذلك عن ابن زيد والضحاك، وحكي عن أبي جعفر