تفسير الآلوسي - الآلوسي - ج ١ - الصفحة ٢٥٣
كيلا يلزم الفصل بين المعطوفين بأجنبي وهو اتقوا وقد تقدم قبل ما ينفعك هنا، وقرىء - (أنجيناكم)، و (أنجيتكم) - ونسبت الأول للنخعي، والآل قيل: بمعنى الأهل وإن ألفه بدل عن هاء، وإن تصغيره أهيل، وبعضهم ذهب إلى أن ألفه بدل من همزة ساكنة وتلك الهمزة بدل من هاء، وقيل: ليس بمعنى الأهل لأن الأهل القرابة والآل من يؤول إليك في قرابة أو رأي أو مذهب، فألفه بدل من واو، ولذلك قال يونس في تصغيره: أويل، ونقله الكسائي نصا عن العرب، وروي عن أبي عمر - غلام ثغلب - إن الأهل القرابة كان لها تابع أولا، والآل القرابة بتابعها فهو أخص من الأهل، وقد خصوه أيضا بالإضافة إلى أولي الخطر فلا يضاف إلى غير العقلاء ولا إلى من لا خطر له منهم، فلا يقال - آل الكوفة، ولا - آل الحجام - وزاد بعضهم اشتراط التذكير فلا يقال - آل فاطمة - ولعل كل ذلك أكثري وإلا فقد ورد على خلاف ذلك - كآل أعوج - اسم فرس، وآل المدينة، وآل نعم، وآل الصليب، وآلك - ويستعمل غير مضاف - كهم خير آل - ويجمع - كأهل - فيقال آلون: وفرعون لقب لمن ملك العمالقة - ككسرى لملك الفرس، وقيصر لملك الروم، وخاقان لملك الترك، وتبع لملك اليمن، والنجاشي لملك الحبشة - وقال السهيلي: هو اسم لكل من ملك القبط ومصر، وهو غير منصرف للعلمية والعجمة، وقد اشتق منه باعتبار ما يلزمه فقيل: تفر عن الرجل إذا تجبر وعتا، واسم فرعون هذا الوليد بن مصعب - قاله ابن إسحاق، وأكثر المفسرين - وقيل: أبوه مصعب بن ريان حكاه ابن جرير، قيل: قنطوس حكاه مقاتل، وذكر وهب بن منبه أن أهل الكتابين قالوا: إن اسمه قابوس، وكنيته أبو مرة وكان من القبط، وقيل: من بني عمليق أو عملاق بن لاوز بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام، وهم أمم تفرقوا في البلاد، وروي أنه من أهل اصطخر ورد إلى مصر فصار بها ملكا، وقيل: كان عطارا بأصفهان ركبته الديون فدخل مصر وآل أمره إلى ما آل - وحكاية البطيخ شهيرة - وقد نقلها مولانا مفتي الديار الرومية في " تفسيره "، والصحيح أنه غير فرعون يوسف عليه السلام، وكان اسمه - على المشهور - الريان بن الوليد، وقد آمن بيوسف ومات في حياته وهو من أجداد فرعون المذكور على قول، ويؤيد الغيرية أن بين دخول يوسف ودخول موسى عليهما السلام أكثر من أربعمائة سنة، والمراد بآل فرعون هنا أهل مصر أو أهل بيته خاصة أو أتباعه على دينه، وبأنجيناكم أنجينا آباءكم، وكذا نظائره فلا حجة فيها لتناسخي، وهذا في كلام العرب شائع كقوله حسان: ونحن قتلناكم ببدر فأصبحت * عساكركم في الهالكين (تجول) و (يسومونكم) من السوم، وأصله الذهاب للطلب، ويستعمل للذهاب وحده تارة، ومنه السائمة، وللطلب أخرى، ومنه السوم في البيع، ويقال: سامه كلفه العمل الشاق، و - السوء - مصدر ساء يسوء، ويراد به السيء، ويستعمل في كل ما يقبح - كأعوذ بالله تعالى من سوء الخلق و (سوء العذاب) أفظعه وأشده بالنسبة إلى سائره، وهو منصوب على المفعولية ليسومونكم بإسقاط حرف الجر أو بدونه، والجملة يحتمل أن تكون مستأنفة، وهي حكاية حال ماضية، ويحتمل أن تكون في موضع الحال من ضمير * (نجيناكم) * أو * (من آل فرعون) *، وهو الأقرب، والمعنى يولونكم أو يكلفونكم الأعمال الشاقة، والأمور الفظيعة أو يرسلونكم إليها ويصرفونكم فيها أو يبغونكم سوء العذاب المفسر بما بعده، وقد حكي أن فرعون جعل بني إسرائيل خدما وخولا، وصنفهم في الأعمال - فصنف يبنون، وصنف يحرثون، وصنف يخدمون - ومن لم يكن منهم في عمل وضع عليه الجزية يؤديها كل يوم، ومن غربت عليه الشمس قبل أن يؤديها غلت يده إلى عنقه شهرا، وجعل النساء يغزلن الكتان، وينسجن.
* (يذبحون أبناءكم) * جملة حالية أو استئنافية كأنه قيل: ما الذي ساموهم إياه، فقال:
(٢٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 ... » »»