ممن خلق تفضيلا.
* (واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون) * * (واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا) * اليوم الوقت، وانتصابه إما على الظرف والمتقى محذوف - أي واتقوا العذاب يوما - وإما مفعول به - واتقاؤه - بمعنى - اتقاء ما فيه - إما مجازا يجعل الظرف عبارة عن المظروف أو كناية عنه للزومه له، وإلا - فالاتقاء - من نفس - اليوم - مما لا يمكن، لأنه آت لا محالة، ولا بد أن يراه أهل الجنة والنار جميعا، والممكن المقدور - اتقاء - ما فيه بالعمل الصالح، و * (تجزي) * من جزى بمعنى قضى، وهو متعد بنفسه لمفعوله الأول، وبعن للثاني - وقد ينزل منزلة اللازم للمبالغة - والمعنى لا تقضي يوم القيامة نفس عن نفس شيئا مما وجب عليها، ولا تنوب عنها، ولا تحتمل مما أصابها، أو لا تقضي عنها شيئا من الجزاء، فنصب * (شيئا) * إما على أنه - مفعول به - أو على أنه - مفعول مطلق - قائم مقام المصدر، أي جزاء ما. وقرأ أبو السماك: * (ولا تجزىء) * من أجزأ عنه إذا أغنى، فهو لازم، و * (شيئا) * مفعول مطلق لا غير، والمعنى لا تغني نفس عن نفس شيئا من الإغناء - ولا تجديها نفعا - وتنكير الأسماء للتعميم في الشفيع والمشفوع، وما فيه الشفاعة، وفيه من التهويل والإيذان بانقطاع المطامع ما لا يخفى، كما يشير إليه قوله تعالى: * (يوم يفر المرء من أخيه * وأمه وأبيه * وصاحبته وبنيه * لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه) * (عبس: 34 - 37) والجملة في المشهور صفة يوم والرابط محذوف، أي: لا تجزي فيه ولم يجوز الكسائي حذف المجرور إذا لم يتعين، فلا تقول: رأيت رجلا أرغب، وأنت تريد أرغب فيه، ومذهبه في هذا التدريج، وهو أن يحذف حرف الجر أولا حتى يتصل الضمير بالفعل - فيصير منصوبا - فيصح حذفه كما في قوله: فما أدري أغيرهم تناء * وطول العهد أو مال أصابوا يريد أصابوه، وقد يجوز - على رأي الكوفيين - أن لا تكون الجملة صفة، بل مضاف إليها (يوم) محذوف - لدلالة ما قبله عليه - فلا تحتاج إلى ضمير، ويكون ذلك المحذوف - بدلا من المذكور - ومن ذلك ما حكاه الكسائي - أطعمونا لحما سمينا، شاة ذبحوها - بجر شاة - على تقدير - لحم شاة - وحكى الفراء مثل ذلك، ومنه قوله: رحم الله أعظما دفنوها * بسجستان طلحة الطلحات في رواية من خفض طلحة، والبصريون لا يجوزون حذف المضاف، وترك المضاف إليه على خفضه، ويقولون بشذوذ ما ورد من ذلك، وقرأ أبو سرار: (لا تجزي نسمة عن نسمة) وهي بمعنى النفس.
* (ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل) * الشفاعة - كما في " البحر " - ضم غيره إلى وسيلته - وهي من الشفع ضد الوتر - لأن الشفيع ينضم إلى الطالب في تحصيل ما يطلب - فيصير شفعا بعد أن كان فردا - والعدل الفدية، قاله ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، وروي عنه أيضا - البدل - أي رجل مكان رجل، وأصل العدل - بفتح العين - ما يساوي الشيء - قيمة وقدرا - وإن لم يكن من جنسه - وبكسرها - المساوى في الجنس والجرم، ومن العرب من يكسر - العين - من معنى الفدية، وذكر الواحدي أن (عدل) الشيء - بالفتح والكسر - مثله، وأنشد قول كعب بن مالك: صبرنا لا نرى لله عدلا * على ما نابنا متوكلينا وقال ثعلب: العدل الكفيل والرشوة - ولم يؤثر في الآية - والضميران المجروران - بمن - إما راجعان إلى النفس