الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ٤٨
حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله الله نور السماوات والأرض يدبر الامر فيهما نجومهما وشمسهما وقمرهما * وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله الله نور السماوات والأرض مثل نوره الذي أعطاء المؤمن كمشكاة مثل الكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب درى يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية في سفح جبل لا تصيبها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت يكاد زيتها يضئ ولو لم تمسسه نار نور على نور فذلك مثل قلب المؤمن نور على نور مثل الذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة قال أعمال الكفار إذا جاؤوا رأوها مثل السراب إذا أتاه الرجل قد احتاج إلى الماء فاتاه فلم يجد شيئا فذلك مثل عمل الكافر يرى أن له ثوابا وليس له ثواب أو كظلمات في بحر لجي إلى قوله لم يكد يراها فذلك مثل قلب الكافر ظلمة فوق ظلمة * وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن الشعبي قال في قراءة أبي بن كعب مثل نور المؤمن كمشكاة * وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله الله نور السماوات والأرض يقول مثل نور من آمن بالله كمشكاة قال وهي النقرة يعنى الكوة * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مثل نوره قال هي خطأ من الكاتب هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة قال مثل نور المؤمن كمشكاة * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق على عن ابن عباس الله نور السماوات والأرض قال هادي أهل السماوات وأهل الأرض مثل نوره مثل هداه في قلب المؤمن كمشكاة يقول موضع الفتيلة يقول كما يكاد الزيت الصافي يضئ قبل أن تمسه النار إذا مسته النار ازداد ضوءا على ضوئه كذلك يكون قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم فإذا أتاه العلم ازداد هدى على هدى ونورا على نور * وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي العالية قال هي في قراءة أبي بن كعب مثل نور من آمن به أو قال مثل من آمن به * وأخرج عبد ابن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي بن كعب الله نور السماوات والأرض مثل نوره قال هو المؤمن الذي جعل الايمان والقرآن في صدره فضرب الله مثله فقال الله نور السماوات والأرض فبدأ بنور نفسه ثم ذكر نور المؤمن فقال مثل نور من آمن به فكان أبى بن كعب يقرؤها مثل نور من آمن به فهو المؤمن جعل الايمان والقرآن في صدره كمشكاة قال فصدر المؤمن المشكاة فيها مصباح والمصباح النور وهو القرآن والايمان الذي جعل في صدره في زجاجة والزجاجة قلبه كأنها كوكب درى فقلبه مما استنار فيه القرآن والايمان كأنه كوكب درى يقول كوكب مضئ توقد من شجرة مباركة والشجرة المباركة أصل المبارك الاخلاص لله وحده وعبادته لا شريك له زيتونه لا شرقية ولا غربية قال فمثله كمثل شجرة التف بها الشجر فهي خضراء ناعمة لا تصيبها الشمس على أي حالة كانت لا إذا طلعت ولا إذا غربت فكذلك هذا المؤمن قد أجير من أن يصله شئ من الفتن وقد ابتلى بها فثبته الله فيها فهو بين أربع خلال ان قال صدق وان حكم عدل وان أعطى شكر وان ابتلى صبر فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشى بين قبور الأموات نور على نور فهو يتقلب في خمسة من النور فكلامه نور وعمله نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيام إلى الجنة ثم ضرب مثل الكافر فقال والذين كفروا أعمالهم كسراب الآية قال وكذلك الكافر يجئ يوم القيامة وهو يحسب أن له عند الله خيرا فلا يجده ويدخله الله النار قال وضرب مثلا آخر للكافر فقال أو كظلمات في بحر لجي الآية فهو يتقلب في خمس من الظلم فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومخرجه ظلمة ومدخله ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار فكذلك ميت الاحياء يمشى في الناس لا يدرى ماذا له وماذا عليه * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن اليهود قالوا لمحمد كيف يخلص نور الله من دون السماء فضرب الله مثل ذلك لنوره فقال الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة والمشكاة كوة البيت فيها مصباح وهو السراج يكون في الزجاجة وهو مثل ضربه الله لطاعته فسمى طاعته نورا ثم سماها أنواعا شتى لا شرقية ولا غربية قال هي وسط الشجر لا تنالها الشمس إذا طلعت ولا إذا غربت وذلك لوجود الزيت يكاد زيتها يضئ يقول بغير نار نور على نور يعنى بذلك ايمان العبد وعمله يهدى الله لنوره من يشاء هو مثل المؤمن * وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله كمشكاة فيها مصباح قال المشكاة
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»
الفهرست