فقال والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ثم انصرف وبكى القوم فأوحى الله إليه يا محمد لم تقنط عبادي فرجع النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبشروا وقربوا وسددوا * وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال اتفقت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن بن وائل ان نهاجر إلى المدينة فخرجت أنا وعياش وفتن هشام فافتتن فقدم على عياش أخوه أبو جهل والحارث بن هشام فقالا ان أمك قد نذرت ان لا يظلها ظل ولا يمس رأسها غسل حتى تراك فقلت والله ان يريداك الا أن يفتناك عن دينك وخرجا به وفتنوه فافتتن قال فنزلت يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله قال عمر رضي الله عنه فكتبت إلى هشام فقدم * وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله وذلك أن أهل مكة قالوا يزعم محمد ان من عبد الأوثان ودعا مع الله إلها آخر وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا الآلهة وقتلنا النفس ونحن أهل الشرك فأنزل الله يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا وقال وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له وانما يعاتب الله أولى الألباب وانما الحلال والحرام لأهل الايمان فإياهم عاتب وإياهم أمر إذا أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة الله وان يتوب ولا يضن بالتوبة على ذلك الاسراف والذنب الذي عمل وقد ذكر الله تعالى في سورة آل عمران المؤمنين حين سألوا المغفرة فقالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا فينبغي ان يعلم أنهم كانوا يصيبون الامرين فأمرهم بالتوبة * وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحشى وأصحابه يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إلى قوله وأنتم لا تشعرون * وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال نزلت هذه الآيات في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول لا يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه فنزلت هؤلاء الآيات وكان عمر بن الخطاب كاتبا فكتبها بيده ثم كتب بها إلى عياش والوليد وإلى أولئك النفر فأسلموا وهاجروا * وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ثوبان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب ان لي الدنيا وما فيها بهذه الآية يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إلى آخر الآية فقال رجل يا رسول الله فمن أشرك فسكت النبي صلى الله عليه وسلم قال الا ومن أشرك ثلاث مرات * وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي انه هو الغفور الرحيم * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في حسن الظن وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود انه مر على قاص يذكر الناس فقال يا مذكر الناس لا تقنط الناس ثم قرأ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله * وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال قال على أي آية أوسع فجعلوا يذكرون آيات من القرآن من يعمل سوأ أو يظلم نفسه لآية ونحوها فقال على رضي الله عنه ما في القرآن أوسع آية من يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم الآية قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعم أن المسيح ابن الله ومن زعم أن عزيرا ابن الله ومن زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة يقول الله تعالى لهؤلاء أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم ثم دعا لي توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء من قال أنا ربكم الأعلى وقال ما علمت لكم من اله غيري قال ابن عباس رضي الله عنهما من آيس العباد من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال إن إبليس قال يا رب زدني قال صدورهم مساكن لكم وتجرون منهم مجرى الدم قال يا رب زدني قال اجلب عليهم بخيلك ورحلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان الا غرورا فقال آدم عليه السلام يا رب قد سلطته على وإني لا أمتنع
(٣٣١)