يقول في سجوده رب زل داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب ربن ان لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال يا داود ان الله قد غفر لك وقد عرفت ان الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال يا رب دمى الذي عند داود قال جبريل ما سالت ربك عن ذلك فان شئت لأفعلن فقال نعم ففرح جبريل وسجد داود عليه السلام فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال قد سألت الله يا داود عن الذي أرسلتني فيه فقال قل لداود ان الله يجمعكما يوم القيامة فيقول هب لي دمك الذي عند داود فيقول هو لك يا رب فيقول فان لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا * وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال لما أصاب داود عليه السلام الخطيئة وانما كانت خطيئته انه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها فتاه الخصمان فتسورا في المحراب فلما أبصرهما قام إليهما فقال أخرجا عنى ما جاء بكما إلى فقال انما نكلمك بكلام يسير ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة وأنا لي نعجة واحدة وهو يريد ان يأخذها منى فقال داود عليه السلام والله أنا أحق أن ينشر منه من لدن هذه إلى هذه يعنى من أنفه إلى صدره فقال رجل هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام انما عنى بذلك وعرف ذنبه فخر ساجدا لله عز وجل أربعين يوما وأربعين ليلة وكانت خطيئته مكتوبة في يده ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه فنودي أجائع فتطعم أم عار فتكسى أم مظلوم فتنصر قال فنحب نحبة هاج ما يليه من البقل حين لم يذكر ذنبه فعند ذلك غفر له فإذا كان يوم القيامة قال له ربه كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي فيقول الله كن خلفي فيقول له خذ بقدمي فيأخذ بقدمه * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب قال إن داود عليه السلام قال يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحاق ويعقوب من الذكر ما لو وددت انك أعطيتني مثله قال الله عز وجل انى ابتليتهم بما لم أبتلك به فان شئت ابتليتك بمثل ما ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم قال نعم قال له فاعمل حتى أرى بلاءك فكان ما شاء الله ان يكون وطال ذلك عليه فكاد ان ينساه فبينما هو في محرابه إذ وقعت عليه حمامة فأراد ان يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها فجاءته فسألها عن زوجها وعن شانها فأخبرته ان زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية ان يؤمره على السرايا ليهلك زوجها ففعل فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا وان الله عز وجل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد ان ينفذ أمره فبينما داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رآهما وهو يقرأ فزع وسكت وقال لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي فقالا له لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا فقال أحدهما ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال اكفلنيها يريد أن يتم مائة ويتركني ليس لي شئ وعزني في الخطاب قال إن دعوت ودعا كان أكثر منى وان بطشت وبطش كان أشد منى فذلك قوله وعزني في الخطاب قال له داود عليه السلام أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه إلى قوله وقليل ما هم ونسى نفسه صلى الله عليه وسلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه السلام فظن انما فتن فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من دموع عينيه ثم شدد الله ملكه * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه ان داود عليه السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل ذكروا فقالوا هل يأتي على الانسان يوم لا يصيب فيه ذنبا فأضمر داود عليه السلام في نفسه انه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل عليه أحد وأكب على التوراة فبينما هو يقرؤها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد ذلك أيضا بها اعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان كذا وكذا مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام فتزوجها فبينما هو في
(٣٠١)