المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان انما يأتونه من باب المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط أي لا تمل واهدنا إلى سواء الصراط أي أعدله وخيره ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة يعنى تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب أي قهرني وظلمني قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وان كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب قال سجد أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه انى قد غفرت لك قال رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا قال انى أقضيك له ثم استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى قال الآن طابت نفسي وعلمت ان قد غفرت لي قال الله تعالى فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب * وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله وهل أتاك نبا الخصم فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب فعجب داود عليه السلام وقال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه فأغلظ له أحدهما وارتفع فعرف داود انما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه الا إلى الصلاة الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فاتاه ملك فقال يا داود انى رسول ربك إليك وأنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال يا رب كيف وأنت حكم عدل كيف تغفر لي ظلامة الرجل فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال يا داود انى رسول ربك إليك وأنه يقول لك انك تأتيني يوم القيامة وابن صوريا تختصمان إلى فأقضي له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى * وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدى قال إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة أيام يوما يقضى فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي الذين كانوا قبلي فاعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم فأوحى الله إليه ان آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها ابتلى إبراهيم بذبح ولده وابتلى اسحق بذهاب بصره وابتلى يعقوب بحزنه على يوسف وانك لم تبتل بشئ من ذلك قال رب ابتلني بما ابتليتهم به واعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه انك مبتلى فاحترس فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلى فمد يده ليأخذ فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في كوة فذهب ليأخذ فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسال عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا وكذا فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره أن يبعث إلى عدو كذا وكذا فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو كذا وكذا فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته فلما دخلت عليه لم يلبث الا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة إنسيين فطلبا أن يدخلا عليه فتسورا عليه المحراب فما شعر وهو يصلى إذ هما بين يديه جالسين ففزع منهما فقالا لا تخف انما نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط يقول لا تخف واهدنا إلى سواء الصراط إلى عدل القضاء فقال قصا على قصتكما فقال أحدهما ان هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة قال الآخر وانا أريد أن آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال يا أخي أنت على ذلك بقادر قال فان ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا يعنى طرف الانف والجبهة قال يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لا وريا الا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى قتلته وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلى به فخر ساجدا فبكى فمكث يبكى أربعين يوما لا يرفع رأسه الا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكى ثم يدعو حتى نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما يا داود ارفع رأسك قد غفر لك قال يا رب كيف أعلم انك قد غفرت لي وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه دما في يقول يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك دعوت أوريا فاستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة قال رب الآن علمت أنك غفرت لي فما استطاع
(٣٠٢)