إليها رسلها خرجت فزعة فاقبل معها ألف قيل مع كل قيل مائة ألف قال وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشئ حتى يكون هو الذي يسأل عنه فخرج يومئذ فجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه قال ما هذا قالوا بلقيس يا رسول الله قال وقد نزلت منا بهذا المكان قال ابن عباس وكان بين سليمان وبين ملكة سبا ومن معها حين نظر إلى الغبار كما بين الكوفة والحيرة قال فاقبل على جنوده فقال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين قال وبين سليمان وبين عرشها حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل ان تقوم من مقامك قال وكان لسليمان مجلس يجلس فيه للناس كما تجلس الامراء ثم يقوم قال سليمان أريد أعجل من ذلك قال الذي عنده علم من الكتاب أنا انظر في كتاب ربى ثم آتيك قبل ان يرتد إليك طرفك فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره فنبع عرشها من تحت قدم سليمان من تحت كرسي كان يضع عليه رجله ثم يصعد إلى السرير فلما رأى سليمان عرشها مستقرا عنده قال هذا من فضل ربى ليبلوني أأشكر إذا أتاني به قبل أن يرتد إلى طرف أم أكفر إذ جعل من هو تحت يدي أقدر على المجئ منى ثم قال نكروا لها عرشها فلما جاءت تقدمت إلى سليمان قيل لها أهكذا عرشك فقالت كأنه هو ثم قالت يا سليمان انى أريد ان أسألك عن شئ فأخبرني به قال سلي قالت أخبرني عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء قال وكان إذا جاء سليمان شئ لا يعلمه يسأل الانس عنه فان كان عند الانس منه علم والا سأل الجن فان لم يكن عند الجن علم سال الشياطين فقالت له الشياطين ما أهون هذا يا رسول الله مر بالخيل فتجرى ثم لتملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان عرق الخيل قالت صدقت قالت فأخبرني عن لون الرب قال ابن عبس فوثب سليمان عن سريره فخر ساجدا فقامت عنه وتفرقت عنه جنوده وجاءه الرسول فقال يا سليمان يقول لك ربك ما شأنك قال يا رب أنت اعلم بما قالت قال فان الله يأمرك أن تعود إلى سريرك فتقعد عليه ونرسل إليها وإلى من حضرها من جنودها وترسل إلى جميع جنودك الذين حضروك فيدخلوا عليك فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال ففعل سليمان ذلك فلما دخلوا عليه جميعا قال لها عم سألتيني قالت سألتك عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء قال قلت لك عرق الخيل قالت صدقت قال وعن أي شئ سألتيني قالت ما سألتك عن شئ الا عن هذا قال لها سليمان فلأي شئ خررت عن سريري قالت كان ذلك لشئ لا أدرى ما هو فسال جنودها فقالوا مثل قولها فسال جنوده من الإنس والجن والطير وكل شئ كان حضره من جنوده فقالوا ما سألتك يا رسول الله عن شئ الا عن ماء وراء قال وقد كان قال له الرسول يقول الله لك ارجع ثمة إلى مكانك فإني قد كفيتكهم فقال سليمان للشياطين ابنوا لي صرحا تدخل على فيه بلقيس فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا لسليمان رسول الله قد سخر الله ما سخر وبلقيس ملكة سبا ينكحها فتلد له غلاما فلا ننفك له من العبودية أبدا قال وكانت امرأة شعراء الساقين فقالت الشياطين ابنوا له بنيانا كأنه الماء يرى ذلك منها فلا يتزوجها فبنوا له صرحا من قوارير فجعلوا له طوابيق من قوارير وجعلوا في باطن الطوابيق كل شئ يكون من الدواب في البحر من السمك وغيره ثم اطبقوه ثم قالوا لسليمان ادخل الصرح فألقى كرسيا في أقصى الصرح فلما دخله أتى الكرسي فصعد عليه ثم قال أدخلوا على بلقيس فقيل لها ادخلي الصرح فلما ذهبت تدخله فرأت صورة السمك وما يكون في الماء من الدواب حسبته لجة فكشفت عن ساقيها لتدخل وكان شعر ساقها ملتويا على ساقيها فلما رآه سليمان ناداها وصرف وجهه عنها انه صرح ممرد من قوارير فألقت ثوبها وقالت رب انى ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين فدعا سليمان الانس فقال ما أقبح هذا ما يذهب هذا قالوا يا رسول الله الموسى فقال الموسى تقطع ساقى المرأة ثم دعا الشياطين فقال مثل ذلك فتلكأوا عليه ثم جعلوا له النورة قال ابن عباس فإنه لأول يوم رؤيت فيه النورة قال واستنكحها سليمان عليه السلام قال ابن أبي حاتم قال أبو بكر بن أبي شيبة ما أحسنه من حديث * وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد قال كان سليمان عليه السلام إذا أراد ان يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من الإنس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم فبينا هو يسير إذ عطشوا فقال ما ترون بعد الماء قالوا لا ندري فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها أطير غيره فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه عذابا شديدا
(١١١)