الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ١١٠
سليمان يقوله أوتينا معرفة الله وتوحيده * وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وأوتينا العلم من قبلها قال سليمان يقوله وفي قوله وصدها ما كانت تعبد من دون الله قال كفرها بقضاء الله غير الوثن ان تهتدي للحق في قوله قيل لها ادخلي الصرح بركة ماء ضرب عليها سليمان قوارير وكانت بلقيس عليها شعر قدماها حافر كحافر الحمار وكانت أمها جنية * وأخرج ابن المنذر وابن أبى حاتم عن أبي صالح قال كان الصرح من زجاج وجعل فيه تماثيل السمك فلما رأته وقيل لها ادخلي الصرح فكشفت عن ساقيها وظنت انه ماء قال والممرد الطويل * وأخرج ابن أبى حاتم عن السدى قال كان قد نعت لها خلقها فأحب أن ينظر إلى ساقيها فقيل لها ادخلي الصرح فلما رأته ظنت انه ماء فكشفت عن ساقيها فنظر إلى ساقيها انه عليها شعر كثير فوقعت من عينيه وكرهها فقالت له الشياطين نحن نصنع لك شيئا يذهب به فصنعوا له نورة من أصداف فطلوها فذهب الشعر ونكحها سليمان عليه السلام * وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله قالت رب انى ظلمت نفسي قال ظنت انه ماء وان سليمان أراد قتلها فقالت أراد قتلى والله على ذلك لأقتحمن فيه فلما رأته انه قوارير عرفت انها ظلمت سليمان بما ظنت فذلك قولها ظلمت نفسي وانما كانت هذه المكيدة من سليمان عليه السلام لها ان الجن تراجعوا فيما بينهم فقالوا قد كنتم تصيبون من سليمان غرة فان نكح هذه المرأة اجتمعت فطنة الوحي والجن فلن تصيبوا له غرة فقدموا إليه فقالوا ان النصيحة لك علينا حق انما قدماها حافر حمار فذلك حين ألبس البركة قوارير وأرسل إلى نساء من نساء بني إسرائيل ينظرنها إذا كشفت عن ساقيها ما قدماها فإذا هي أحسن الناس ساقا من ساق شعراء وإذا قدماها هما قدم انسان فبشرن سليمان وكره الشعر فامر الجن فجعلت النورة فذلك أول ما كانت النورة * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال كان سليمان بن داود عليه السلام إذا أراد سفرا قعد على سريره ووضعت الكراسي يمينا وشمالا فيؤذن للانس عليه ثم أذن للجن عليه بعد الانس ثم أذن للشياطين بعد الجن ثم أرسل إلى الطير فتظلهم وأمر الريح فحملتهم وهو على سريره والناس على الكراسي والطير تظلهم والريح تسير بهم غدوها شهر ورواحها شهر رخاء حيث أراد ليس بالعاصف ولا باللين وسطا بين ذلك وكان سليمان يختار من كل طير طيرا فيجعله رأس تلك الطير فإذا أراد ان يسائل تلك الطير عن شئ سال رأسها فبينما سليمان يسير إذ نزل مفازة فقال كم بعد الماء ههنا فسال الانس فقالوا لا ندري فسال الشياطين فقالوا لا ندري فغضب سليمان وقال لا أبرح حتى أعلم كم بعد مسافة الماء ههنا فقالت له الشياطين يا رسول الله لا تغضب فان يك شئ يعلم فالهدهد يعلمه فقال سليمان على بالهدهد فلم يوجد فغضب سليمان وقال لأعذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين يقول بعذر مبين غيبه عن مسيري هذا قال ومر الهدهد على قصر بلقيس فرأى لها بستانا خلف قصرها فمال إلى الخضرة فوقع فيه فإذا هو بهدهد في البستان فقال له هدهد سليمان أين أنت عن سليمان وما تصنع ههنا فقال له هدهد بلقيس ومن سليمان فقال بعث الله رجلا يقال له سليمان رسولا وسخر له الجن والإنس والريح والطير فقال له هدهد بلقيس أي شئ تقول قال أقول لك ما تسمع قال إن هذا لعجب وأعجب من ذلك أن كثرة هؤلاء القوم تملكهم امرأة وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم جعلوا الشكر لله أن يسجدوا للشمس من دون الله قال وذكر لهدهد سليمان فنهض عنه فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير فقالوا تواعدك رسول الله وأخبروه بما قال وكان عذاب سليمان للطير ان ينتفه ثم يشمسه فلا يطير أبدا ويصير مع هوام الأرض أو يذبحه فلا يكون له نسل أبدا قال الهدهد وما استثنى نبي الله قالوا بلى قال أو ليأتيني بعذر مبين فلما أتى سليمان قال وما غيبتك عن مسيري قال أحطت بما لم تحط به وجئتك من سبا بنبأ يقين انى وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شئ ولها عرش عظيم قال بل اعتللت سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم وكتب بسم الله الرحم الرحيم إلى بلقيس أن لا تعلوا على وائتوني مسلمين فلما ألقى الهدهد الكتاب إليها ألقى في روعها انه كتاب كريم وانه من سليمان وأن لا تعلوا على وائتوني مسلمين قالوا نحن أولوا قوة قالت إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وإني مرسلة إليهم بهدية فلما جاءت الهدية سليمان قال أتمدونني بمال ارجع إليهم فلما رجع
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست