الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٥ - الصفحة ١٣٣
حتى تجئ وأنا أحدث نفسي ان لو ذهب فأفر فانطلق بي حتى انتهيت إليه فلما رآني تبسم وقال لي يا سلمان ابشر فقد فرج الله عنك ثم تلا على هؤلاء الآيات الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله لا نبتغي الجاهلين قلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق سمعته يقول لو أدركته فأمرني ان أقع في النار لوقعتها انه نبي لا يقول الا حقا ولا يأمر الا بالحق * وأخرج ابن أبي حاتم عن السدى في قوله الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون قال نزلت في عبد الله بن سلام لما أسلم أحب ان يخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعظمته في اليهود ومنزلته فيهم وقد ستر بينه وبينهم سترا فكلمهم ودعاهم فأبوا فقال أخبروني عن عبد الله بن سلام كيف هو فيكم قالوا ذاك سيدنا وأعلمنا قال أرأيتم ان آمن بي وصدقني أتؤمنون بي وتصدقوني قالوا لا يفعل ذاك هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتبعك قال أرأيتم ان فعل قالوا لا يفعل قال أرأيتم ان فعل قالوا إذا نفعل قال أخرج يا عبد الله بن سلام فخرج فقال أبسط يدك أشهد أن لا إله إلا الله وانك رسول الله فبايعه فوقعوا به وشتموه وقالوا والله ما فينا أحدا قل علما منه ولا أجهل بكتاب الله منه قال ألم تثنوا عليه آنفا قالوا انا استحيينا أن تقول اغتبتم صاحبكم من خلفه فجعلوا يشتمونه فقام إليه أمين بن يامين فقال أشهد ان عبد الله بن سلام صادق فابسط يدك فبايعه فأنزل الله فيهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون وإذا يتلى عليهم قالوا آمنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين يعنى إبراهيم وإسماعيل وموسى وعيسى وتلك الأمم كانوا على دين محمد صلى الله عليه وسلم * وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا قال هؤلاء قوم كانوا في زمان الفترة متمسكين بالاسلام مقيمين عليه صابرين على ما أوذوا حتى أدرك رجال منهم النبي صلى الله عليه وسلم * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير رضي الله عنه قال لما أتى جعفر وأصحابه النجاشي أنزلهم وأحسن إليهم فلما أرادوا ان يرجعوا قال من آمن من أهل مملكته ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر ونأتي هذا النبي فنحدث به عهدا فانطلقوا فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدوا معه أحدا وخيبر ولم يصب أحد منهم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ائذن لنا فلنأت أرضنا فان لنا أموالا فنجئ بها فننفقها على المهاجرين فانا نرى بهم جهدا فأذن لهم فانطلقوا فجاؤوا بأموالهم فأنفقوها على المهاجرين فأنزلت فيهم الآية أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤن بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون * وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال إن قوما من المشركين أسلموا فكانوا يؤذونهم فنزلت هذه الآية فيهم أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا * وأخرج عبد ابن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه الآية قال أناس من أهل الكتاب أسلموا فكان أناس من اليهود إذا مروا عليهم سبوهم فأنزل الله هذه الآية فيهم * وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين قال لا يجاورون أهل الجهل والباطل في باطلهم أتاهم من الله ما وقذهم عن ذلك * وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين رجل من أهل الكتاب آمن بالكتاب الأول والكتاب الآخر ورجل كانت له أمة فأدبها وأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده * وأخرج أحمد والطبراني عن أبي امامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين * قوله تعالى (انك لا تهدى من أحببت) الآية * أخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال لما حضرت وفاة أبى طالب أتاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة فقال لولا أن تعيرني قريش يقولون ما حمله عليها الا جزعه من الموت لأقررت بها عينك فأنزل الله عليه انك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين * وأخرج ابن أبي شيبة واحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن ابن المسيب نحوه وتقدم في سورة براءة * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله انك لا تهدى من أحببت قال نزلت هذه الآية في أبى طالب * واخرج سعيد بن منصور وعبد بن
(١٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 ... » »»
الفهرست