الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٢
بلسانك * وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال وجدت في التوراة أربعة أسطر متوالية من شكا مصيبته فإنما يشكو ربه ومن تضعضع لغنى ذهبا ثلثا دينه ومن حزن على ما في يد غيره فقد سخط قضاء ربه ومن قرأ كتاب الله فظن أن لا يغفر له فهو من المستهزئين بآيات الله * وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال من ابتلى ببلاء فكتمه ثلاثا لا يشكو إلى أحد آتاه برحمته * وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حبيب بن أبي ثابت ان يعقوب عليه السلام كان قد سقط حاجباه على عينيه من الكبر فكان يرفعهما بخرقة فقيل له ما بلغ بك هذا قال طول الزمان وكثرة الأحزان فأوحى الله إليه يا يعقوب أتشكوني قال يا رب خطيئة أخطأتها فاغفر لي * وأخرج ابن أبي حاتم عن نصر بن عربي قال بلغني ان يعقوب عليه السلام لما طال حزنه على يوسف ذهبت عيناه من الحزن فجعل العواد يدخلون عليه فيقولون السلام عليك يا نبي الله كيف تجدك فيقول شيخ كبير قد ذهب بصرى فأوحى الله إليه يا يعقوب شكوتني إلى عوادك قال أي رب هذا ذنب عملته لا أعود إليه فلم يزل بعد يقول انما أشكو بثي وحزني إلى الله * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله انما أشكو بثي قال همى * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله أشكو بثي قال حاجتي * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأعلم من الله ما لا تعلمون يقول اعلم أن رؤيا يوسف عليه السلام صادقة وإني سأسجد له * وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال سمعت نشيج عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وإني لفي آخر الصفوف في صلاة الصبح وهو يقرأ انما أشكو بثي وحزني إلى الله * وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علقمة بن أبي وقاص رضي الله عنه قال صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه العشاء فقرأ سورة يوسف عليه السلام فلما أتى على ذكر يوسف عليه السلام نشج حتى سمعت نشيجه وأنا في مؤخر الصفوف * وأخرج ابن جرير وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه قال ذكر لنا أن يعقوب عليه السلام لم تنزل به شدة بلاء قط الا أتاه حسن ظنه بالله من وراء بلائه * وأخرج ابن المنذر عن عبد الرزاق رضي الله عنه قال بلغنا ان يعقوب عليه السلام قال يا رب أذهبت ولدى وأذهبت بصرى قال بلى وعزتي وجلالي وإني لأرحمك ولأردن عليك بصرك وولدك وانما ابتليتك بهذه البلية لأنك ذبحت جملا فشويته فوجد جارك ريحه فلم تنله * وأخرج إسحاق بن راهويه في تفسيره وابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ليعقوب عليه السلام أخ مؤاخ فقال له ذات يوم يا يعقوب ما الذي أذهب بصرك وما الذي قوس ظهرك قال أما الذي أذهب بصرى فالبكاء على يوسف وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين فاتاه جبريل عليه السلام فقال يا يعقوب ان الله عز وجل يقرئك السلام ويقول لك ما تستحي تشكوني إلى غيري فقال يعقوب عليه السلام انما أشكو بثي وحزني إلى الله فقال جبريل عليه السلام الله أعلم بما تشكو يا يعقوب ثم قال يعقوب اما ترحم الشيخ الكبير أذهبت بصرى وقوست ظهري فاردد على ريحانتي أشمه شمة قبل الموت ثم اصنع بي ما أردت فاتاه جبريل عليه السلام فقال يا يعقوب ان الله يقرئك السلام ويقول لك ابشر وليفرح قلبك فوعزتي لو كانا ميتين لنشرتهما لك فاصنع طعاما للمساكين فان أحب عبادي إلى الأنبياء والمساكين وتدري لم أذهبت بصرك وقوست ظهرك وصنع إخوة يوسف به ما صنعوا انكم ذبحتم شاة فأتاكم مسكين وهو صائم فلم تطعموه منها شيئا فكان يعقوب عليه السلام إذا أراد الغداء أمر مناديا ينادى الا من أراد الغداء من المساكين فليتغد مع يعقوب وإذا كان صائما أمر مناديا الا من كان صائما من المساكين فليفطر مع يعقوب * قوله تعالى (يا بنى اذهبوا) الآية * وأخرج ابن أبي حاتم عن النصر بن عربي رضي الله عنه قال بلغني ان يعقوب عليه السلام مكث أربعة وعشرين عاما لا يدرى أحي يوسف عليه السلام أم ميت حتى تخلل له ملك الموت فقال له من أنت قال أنا ملك الموت قال فأنشدك باله يعقوب هل قبضت روح يوسف عليه
(٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست