الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣١
سيدتك في معصية ربك فلذلك سماك الله بأسماء الصديقين وعدك مع المخلصين وألحقك بآبائك الصالحين قال هل لك علم بيعقوب قال نعم وهب الله له الصبر الجميل وابتلاه بالحزن عليك فهو كظيم قال فما قدر حزنه قال قدر سبعين ثكلى قال فماذا له من الاجر قال قدر مائة شهيد * وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال أتى جبريل عليه السلام يوسف عليه السلام وهو في السجن فسلم عليه فقال له يوسف أيها الملك الكريم على ربه الطيب ريحه الطاهر ثيابه هل لك علم بيعقوب قال نعم ما أشد حزنه قال ماذا له من الاجر قال أجر سبعين ثكلى قال أفتراني لاقيه قال نعم فطابت نفس يوسف * وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه سئل ما بلغ وجد يعقوب على ابنه قال وجد سبعين ثكلى قيل فما كان له من الاجر قال أجر مائة شهيد وما ساء ظنه بالله ساعة من ليل أو نهار * وأخرج أحمد في الزهد عن عمرو بن دينار انه ألقى على يعقوب عليه السلام حزن سبعين مثكل ومكث في ذلك الحزن ثمانين عاما * قوله تعالى (قالوا تالله تفتؤ) الآية * أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تالله تفتؤ تذكر يوسف قال لا تزال تذكر يوسف حتى تكون حرضا قال دنفا من المرض أو تكون من الهالكين قال الميتين * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله قالوا تالله تفتؤ تذكر يوسف قال لا تزال تذكر يوسف لا تفتر عن حبه حتى تكون حرضا قال هرما أو تكون من الهالكين قال أو تموت * وأخرج ابن أبى شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبى حاتم وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه حتى تكون حرضا قال الحرض الشئ البالي أو تكون من الهالكين قال الميتين * وأخرج ابن الأنباري والطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله تفتؤ تذكر يوسف قال لا تزال تذكر يوسف قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم اما سمعت الشاعر وهو يقول لعمرك لا تفتؤ تذكر خالدا * وقد غاله ما غال تبع من قبل قال أخبرني عن قوله حتى تكون حرضا قال الحرض المدنف الهالك من شدة الوجع قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم اما سمعت الشاعر وهو يقول أمن ذكر ليلى ان نأت قرية بها * كأنك حم للأطباء محرض * قوله تعالى (قال انما أشكو بثي وحزني إلى الله) * أخرج ابن جرير عن طلحة بن مصرف الأيامى قال ثلاثة لا تذكرهن واجتنب ذكرهن ولا تشك مرضك ولا تشك مصيبتك ولا تزك نفسك قال وأنبئت ان يعقوب عليه السلام دخل عليه جار له فقال يا يعقوب مالي أراك قد أنهشت وفنيت ولم تبلغ من السن ما بلغ أبوك قال هشمني وإفنائي ما ابتلاني الله به من هم يوسف وذكره فأوحى الله إليه يا يعقوب أتشكوني إلى خلقي فقال يا رب خطيئة أخطائها فاغفرها لي قال فإني قد غفرت لك فكان بعد ذلك إذا سئل قال انما أشكو بثي وحزني إلى الله * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن مسلم بن يسار رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال من بث لم يصبر ثم قرأ انما أشكو بثي وحزني إلى الله * وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بث لم يصبر ثم قرأ انما أشكو بثي وحزني إلى الله * وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كنوز البر إخفاء الصدقة وكتمان المصائب والأمراض ومن بث لم يصبر * وأخرج البيهقي من وجه آخر عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب رضي الله عنه قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من كنوز البر كتمان الصدقة وكتمان المصيبة وكتمان المرض * وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح حزينا على الدنيا أصبح ساخطا على ربه ومن أصبح يشكو مصيبة نزلت به فإنما يشكو الله ومن تضعضع لغنى لينال من دنياه أحبط الله ثلثي عمله ومن أعطى القرآن فدخل النار فأبعده الله * وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا مثله * وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال ثلاث من ملاك أمرك أن لا تشكو مصيبتك وان لا تحدث بوجعك وان لا تزكى نفسك
(٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 ... » »»
الفهرست