الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٣٠٥
النبيين ويا أبا الحكام انى رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم * وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي رضي الله عنه قال لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلى بني إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم السامري هذا إلهكم وإله موسى فقال لهم هارون يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا فلما ان رجع موسى أخذ برأس أخيه فقال له هارون ما قال فقال موسى للسامري ما خطبك فقال قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي فعمد موسى إلى العجل فوضع عليه المبارد فبرده بها وهو على شط نهر فما شرب أحد من ذلك الماء ممن كان يعبد ذلك العجل الا اصفر وجهه مثل الذهب فقالوا يا موسى ما توبتنا قال يقتل بعضكم بعضا فاخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه لا يبالي من قتل حتى قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن قتل وتبت على من بقى * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما هجم فرعون على البحر هو وأصحابه وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان ان يقتحم البحر فمثل له جبريل على فرس أنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها وعرف السامري جبريل لان أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه فكان جبريل يأتيه فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفى الأخرى عسلا وفى الأخرى سمنا فلم يزل يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه قال أخذ من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري انك لا تلقيها على شئ فتقول كن كذا الا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى وبنو إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون قال موسى لأخيه هارون أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ومضى موسى لموعد ربه وكان مع بني إسرائيل حلى من حلى آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل النار فتأكله فلما جمعوه قال السامري بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال كن عجلا جسدا له خوار فصار عجلا جسدا له خوار فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من فيه يسمع له صوت فقال هذا إلهكم وإله موسى فعكفوا على العجل يعبدونه فقال هارون يا قوم انما فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان السامري رجلا من أهل ماجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان يحب عبادة البقر في نفسه وكان قد أظهر الاسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هارون انكم قد حملتم أوزارا من زينة القوم آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس وأوقد لهم نارا فقال اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فاخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال لهارون يا نبي الله ألقي ما في يدي قال نعم ولا يظن هارون الا انه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال كن عجلا جسدا له خوار فكان للبلاء والفتنة فقال هذا إلهكم وإله موسى فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط يقول الله فنسى أي ترك ما كان عليه من الاسلام يعنى السامري أفلا يرون أن لا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا وكان اسم السامري موسى بن ظفر وقع في أرض مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هارون ما وقعوا فيه قال يا قوم انما فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمرى قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى فأقام هارون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول له موسى فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي وكان له سامعا مطيعا * وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن هارون مر بالسامري وهو يتحنث العجل فقال له ما تصنع قال اصنع ما يضر ولا ينفع فقال هارون اللهم اعطه ما سال على ما في نفسه ومضى هارون فقال السامري اللهم أنى أسالك ان يخور فخار فكان إذا خار سجدوا له وإذا خار رفعوا رؤسهم * وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إن بني إسرائيل استعاروا حليا من القبط فخرجوا به معهم فقال لهم هارون قد ذهب موسى إلى السماء اجمعوا هذا الحلي حتى يجئ موسى فيقضى فيه ما قضى فجمع ثم أذيب فلما ألقى السامري القبضة تحول عجلا جسدا له خوار فقال هذا إلهكم وإله موسى فنسى قال إن موسى ذهب يطلب ربه فضل فلم يعلم مكانه وهو هذا
(٣٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 ... » »»
الفهرست