الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٣
الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريا * وأخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهيهن وكان شابا حسن الوجه لين الجناح قليل الشعر قصير الأصابع طويل الانف أقرن الحاجبين رقيق الصوت كثير العبادة قويا في الطاعة * وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه وابن عساكر عن أبي بن كعب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن من هوان الدنيا على الله ان يحيى بن زكريا قتلته امرأة * وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال من أنكر البلاء فاني لا أنكره فقد ذكر لي انما قتل يحيى بن زكريا في زانية * وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريقه انا أبو يعقوب الكوفي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به رأى زكريا في السماء فسلم عليه فقال له يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان ولم قتلك بنو إسرائيل قال يا محمد ان يحيى كان خير أهل زمانه وكان أجملهم وأصبحهم وجها وكان كما قال الله سيدا وحصورا وكان لا يحتاج إلى النساء فهويته امرأة ملك بني إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت سنة الملك ان يوعد ولا يخلف ولا يكذب فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها معجبا ولم تكن تسأله فيما مضى فلما ان شيعته قال الملك سليني فما تسأليني شيئا الا أعطيتك قالت أريد دم يحيى بن زكريا قال لها سليني غيره قالت هو ذاك قال هو لك فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلى وانا إلى جانبه أصلى فذبح في طست وحمل رأسه ودمه إليها فقال النبي صلى الله عليه وسلم فما بلغ من صبرك قال ما انفتلت من صلاتي فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها فلما أمسوا خسف الله بالملك وأهل بيته وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل لقد غضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى تغضب لملكنا فنقتل زكريا فخرجوا في طلبي ليقتلوني فجاءني النذير فهربت منهم وإبليس امامهم يدلهم على فلما ان تخوفت ان لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني فقالت إلى إلى وانصدعت لي فدخلت فيها وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقى طرف ردائي خارجا من الشجرة وجاء بنو إسرائيل فقال إبليس أما رأيتموه دخل هذه الشجرة هذا طرف ردائه دخل به الشجرة فقالوا نحرق هذه الشجرة فقال إبليس شقوه بالمنشار شقا قال فشققت مع الشجرة بالمنشار فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا زكريا هل وجدت له مسا أو وجعا قال لا انما وجدت تلك الشجرة جعل الله روحي فيها * وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه ان زكريا هرب ودخل جوف شجرة فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين فلما وقع المنشار على ظهره أن فأوحى الله يا زكريا اما ان تكف عن أنينك أو أقلب الأرض ومن عليها فسكت حتى قطع نصفين * وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال كان طعام يحيى بن زكريا الجراد وقلوب الشجر وكان يقول من أنعم منك يا يحيى طعامك الجراد وقلوب الشجر * وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني وابن المبارك وأحمد في الزهد وأبو نعيم عن مجاهد قالا كان طعام يحيى بن زكريا الشعب وان كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينه لأحرقه ولقد كانت الدموع اتخذت مجرى في وجهه * واخرج ابن عساكر عن يونس بن ميسرة قال مر يحيى بن زكريا على دينار فقال قبح هذا الوجه يا دينار يا عبد العبيد ويا معبد الأحرار * وأخرج البيهقي في سننه عن مجاهد قال سأل يحيى بن زكريا ربه قال رب اجعلني أسلم على السنة الناس ولا يقولون في الا خيرا فأوحى الله إليه يا يحيى لم أجعل هذا لي فكيف أجعله لك * وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ثابت البناني قال بلغنا ان إبليس ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق من كل شئ فقال له يحيى ما هذه قال هذه الشهوات التي أصيب بها بني آدم قال له يحيى هل لي فيها شئ قال لا قال فهل تصيب منى شيئا قال ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر قال هل غيره قال لا قال لا جرم لا أشبع أبدا * وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي قال كان ملك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه فأراد أن يتزوج امرأة أخيه فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء فقال له لا تتزوجها فإنها بغى فبلغ المرأة ذلك فقالت ليقتلن يحيى أو ليخرجن من ملكه فعمدت إلى ابنتها فصيغتها قالت اذهبي إلى عمك عند الملا فإنه إذا رآك سيدعوك ويجلسك في حجره ويقول
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»
الفهرست