الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢١٠
كان الحسن بن علي يقرأ سورة الكهف كل ليلة وكانت مكتوبه له في لوح يدار بلوحه حيثما دار من نسائه في كل ليلة * وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن وهب أن عمر رضي الله عنه قرأ في الفجر بالكهف * وأخرج ابن سعد عن صفية بنت أبي عبيد انها سمعت عمر بن الخطاب يقرأ في صلاة الفجر بسورة أصحاب الكهف * وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نزلت سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس قال بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار يهود بالمدينة فقالوا لهم سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل الكتاب الأول وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة فسألوا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم أمره وبعض قوله وقالا انكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا فقالوا لهم سلوه عن ثلاثا فان أخبركم بهن فهو نبي مرسل وان لم يفعل فالرجل متقول فروا فيه رأيكم سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو فان أخبركم بذلك فإنه نبي فاتبعوه والا فهو متقول فاقبل النضر وعقبة حتى قدما على قريش فقالا يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم وبين محمد قد أمرنا أحبار يهود ان نسأله عن أمور فاخبروهم بها فجاؤوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا فسألوه عما أمروهم به فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبركم غدا بما سألتم عنه ولم يستثن فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وأحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاء جبريل من الله عز وجل بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر الفتية والرجل الطواف وقول الله ويسئلونك عن الروح الآية * وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدى الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ان قريشا بعثوا خمسة رهط منهم عقبة بن أبى معطي والنضر بن الحارث إلى المدينة يسألون اليهود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفوا لهم صفته فقالوا لهم نجد نعته وصفته ومبعثه في التوراة فان كان كما وصفتم لنا فهو نبي مرسل وأمره حق فاتبعوه ولكن سلوه عن ثلاث خصال فإنه يخبركم بخصلتين ولا يخبركم بالثالثة ان كان نبيا فانا قد سألنا مسيلمة الكذاب عن هؤلاء الثلاث فلم يدر ما هي فرجعت الرسل إلى قريش بهذا الخبر من اليهود فاتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد أخبرنا عن ذي القرنين الذي كان بلغ المشرق والمغرب وأخبرنا عن الروح وأخبرنا عن أصحاب الكهف فقال أخبركم بذلك غدا ولم يقل إن شاء الله فأبطأ عليه جبريل خمسة عشر يوما فلم يأته لترك الاستثناء فشق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه جبريل عليه السلام بما سألوه فقال يا جبريل أبطأت على فقال بتركك الاستثناء ألا تقول إن شاء الله قال ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا أن يشاء الله ثم أخبره بخبر ذي القرنين وخبر الروح وأصحاب الكهف ثم أرسل إلى قريش فاتوه فأخبرهم عن حديث ذي القرنين وقال لهم الروح ومن أمر ربى يقول من علم ربى لا علم لي به فلما وافق قول اليهود انه لا يخبركم بالثالث قالوا ساحران تظاهرا تعاونا يعنون التوراة والفرقان وقالوا انا بكل كافرون وحدثهم بحديث أصحاب الكهف * وأخرج الطبراني عن أبي امامة قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فكان أكثر خطبته ذكر الدجال فكان فيما قال لنا يومئذ ان الله عز وجل لم يبعث نبيا الا حذر أمته وأني آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فان يخرج وأنا بين أظهركم فانا حجيج كل مسلم وان يخرج فيكم بعدي فكل امرئ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم انه يخرج من خلة بين العراق والشام وعاث يمينا وعاث شمالا يا عباد الله أثبتوا فإنه يبدأ يقول أنا نبي ولا نبي بعدي وانه مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وليقرأ بقوارع سورة أصحاب الكهف وانه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها وانه لا يعدو ذلك ولا يسلط على نفس غيرها وان من فتنته ان معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار فمن ابتلى بناره فليغمض عينيه وليستعن بالله تكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار بردا وسلاما
(٢١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 ... » »»
الفهرست