الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٦
عليهم قال كتابهم * وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الأعلى التيمي قال إن من أوتى من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتى من العلم ما لا ينفعه لان الله نعت أهل العلم فقال ويخرون للأذقان يبكون * وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح عن أبي حازم ان النبي صلى الله عليه وسلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكى فقال من هذا قال فلان قال جبريل انا نزن أعمال بني آدم كلها الا البكاء فان الله يطفئ بالدمعة نهورا من نيران جهنم * وأخرج الحكيم الترمذي عن النضر بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أن عبدا بكى في أمة من الأمم لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك العبد وما من عمل الا له وزن وثواب الا الدمعة فإنها تطفئ بحورا من النار وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله الا حرم الله جسدها على النار وان فاضت على خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة * وأخرج ابن أبي شيبة عن الجعد أبى عثمان قال بلغنا ان داود عليه السلام قال إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك قال جزاؤه ان أؤمنه يوم الفزع الأكبر * قوله تعالى (قل ادعوا الله) الآية * أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر بالدعاء فجعل يقول يا الله يا رحمن فسمعه أهل مكة فاقبلوا عليه فأنزل الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية * وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ذات يوم فدعا الله فقال في دعائه يا الله يا رحمن فقال المشركون انظروا إلى هذا الصابئ ينهانا ان ندعو الهين وهو يدعو الهين فأنزل الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية * وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في حرث في يده جريدة فسأله اليهود عن الرحمن وكان لهم كاهن باليمامة يسمونه الرحمن فأنزلت قل دعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية * وأخرج ابن جرير عن مكحول ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده يا رحمن يا رحيم فسمعه رجل من المشركين فلما أصبح قال لأصحابه أنظروا ما قال ابن أبي كبشة يزعم الليلة الرحمن الذي باليمن وكان باليمن رجل يقال له رحمن فنزلت قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية * وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى إلى آخر الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أمان من السرق وان رجلا من المهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاها حيث أخذ مضجعه فدخل عليه سارق فجمع ما في البيت وحمله والرجل ليس بنائم حتى انتهى إلى الباب فوجد الباب مردودا فوضع الكارة ففعل ذلك ثلاث مرات فضحك صاحب الدار ثم قال انى أحصت بيتي * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أيا ما تدعوا قال باسم من أسمائه والله أعلم * قوله تعالى (ولا تجهر بصلاتك) الآية * أخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تجهر بصلاتك الآية قال نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة متوار فكان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله لنبيه صلى الله عليه وسلم لا تجهر بصلاتك أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك وابتغ بين ذلك سبيلا يقول بين الجهر والمخافتة * وأخرج ابن إسحاق وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلى تفرقوا عنه وأبوا ان يستمعوا منه فكان الرجل إذا أراد ان يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض ما يتلو وهو يصلى استرق السمع دونهم فرقا منهم فان رأى انهم قد عرفوا انه يستمع ذهب خشية أذاهم فلم يستمع فان خفض رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا فأنزل الله تعالى ولا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ولا تخافت بها فلا تسمع من أراد ان يسمعها ممن يسترق ذلك لعله يرعوي إلى بعض ما يستمع فينتفع به وابتغ بين ذلك سبيلا * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يجهر بالقراءة بمكة فيؤذي فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك * وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضى الله
(٢٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 ... » »»
الفهرست