الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٢
عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهما قالا خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس ما هذه الكتب التي بلغني انكم تكتبونها مع كتاب الله يوشك ان يغضب الله لكتابه فيسري عليه ليلا لا يترك في قلب ولا ورق منه حرفا الا ذهب به فقيل يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات قال من أراد الله به خيرا أبقى في قلبه لا إله إلا الله * وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال يسرى على القرآن في جوف الليل يجئ جبريل عليه السلام فيذهب به ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن الآية * قوله تعالى (قل لئن اجتمعت) الآية * أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمود بن سيحان ونعيمان بن أصى ومجزئ بن عمر وسلام بن مشكم فقالوا يا محمد هذا الذي جئت به حق من عند الله فانا لا نراه متناسقا كما تتناسق التوراة فقال لهم أما والله انكم لتعرفون انه من عند الله قالوا انا نجيئك بمثل ما تأتى به فأنزل الله قل لئن اجتمعت الإنس والجن الآية * وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله قل لئن اجتمعت الإنس والجن الآية قال يقول لو برزت الجن وأعانهم الانس فتظاهروا لم يأتوا بمثل هذا القرآن * قوله تعالى (وقالوا لن نؤمن لك) الآيات * وأخرج ابن جرير وابن اسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بنى عبد الدار وأبا البختري أخا بنى أسد والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال بعضهم لبعض ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه فبعثوا إليه ان أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا وهو يظن أنهم قد بدا لهم في أمره بدء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا يا محمد انا قد بعثنا إليك لنعذرك وانا والله ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقى من قبيح الا وقد جئته فيما بيننا وبينك فان كنت انما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا وان كنت انما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وان كنت تريد ملكا ملكناك علينا وان كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك وكانوا يسمون التابع من الجن الرئي فربما كان ذلك بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر فيك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي ما تقولون ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا فيئكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولا وأنزل على كتابا وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربى ونصحت لكم فان تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم فقالوا يا محمد فان كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من الناس أضيق بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فاسأل ربك الذي بعثك بما بعثك به فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول حق هو أم باطل فان صنعت ما سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك عند الله وانه بعثك رسولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بهذا بعثت انما جئتكم من عند الله بما بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فان تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا فان لم تفعل لنا هذا فخر لنفسك فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وتسأله ان يجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك بها عما نراك تبتغى فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه حتى نعرف منزلتك من ربك ان كنت رسولا كما تزعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنا بفاعل ما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فان تقبلوا ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم قالوا فاسقط السماء كما زعمت أن ربك ان شاء فعل فانا لن نؤمن لك الا ان تفعل فقال
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست