الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٥٨
رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى بي إلى السماء قربني ربى تعالى حتى كان بيني وبينه كقاب قوسين أو أدنى لا بل أدنى وعلمني المسميات قال يا محمد قلت لبيك يا رب قال هل غمك ان جعلتك آخر النبيين قلت يا رب لا قال فهل غم أمتك ان جعلتهم آخر الأمم قلت يا رب لا قال أبلغ أمتك منى السلام وأخبرهم انى جعلتهم آخر الأمم لأفضح الأمم عندهم ولا أفضحهم عند الأمم * وأخرج الطبراني عن أم هانئ رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى به انى أريد ان أخرج إلى قريش فأخبرهم فكذبوه وصدقه أبو بكر الصديق رضي الله عنه فسمى يومئذ الصديق * وأخرج ابن جرير من طريق ابن شهاب رضي الله عنه قال أخبرني ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرى به على البراق وهي دابة إبراهيم التي كان يزور عليها البيت الحرام يقع حافرها موضع طرفها قال فمرت بعير من عيرات قريش بواد من تلك الأودية فنفر بعير عليه غرارتان سوداء وزرقاء حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إيليا فأتى بقدحين قدح خمر وقدح لبن فاخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم اللبن قال له جبريل عليه السلام هديت إلى الفطرة لو أخذت قدح الخمر غوت أمتك قال ابن شهاب رضي الله عنه فأخبرني ابن المسيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لقى هناك إبراهيم وموسى وعيسى فنعتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أما موسى فضرب رجل الرأس كأنه من رجال شنوءة وأما عيسى فرجل أحمر كأنما خرج من ديماس فأشبه من رأيت به عروة بن مسعود الثقفي وأما إبراهيم فانا أشبه ولده به فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حدث قريشا انه أسرى به فارتد ناس كثير بعدما أسلموا قال أبو سلمة فأتى أبو بكر الصديق رضي الله عنه فقيل له هل لك في صاحبك يزعم أنه أسرى به إلى بيت المقدس ثم رجع في ليلة واحدة قال أبو بكر رضي الله عنه أو قال ذلك قالوا نعم قال فاشهد ان كان قال ذلك لقد صدق قالوا أفتشهد انه جاء الشام في ليلة واحدة قال انى أصدقه بأبعد من ذلك أصدقه بخبر السماء * وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج قال قال نافع بن جبير رضي الله عنه وغيره لما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم من الليلة التي أسرى به فيها لم يرعه الا جبريل عليه السلام يتدلى حين زاغت الشمس ولذلك سميت الأولى فامر بلالا يصيح في الناس الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم طول للناس الركعتين يعنى الأولتين ثم قصر في الباقيتين ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ثم في العصر عمل مثل ذلك ففعلوا كما فعلوا في الظهر ثم نزل في أول الليل فصيح الصلاة جامعة فصلى جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم للناس طول في الأولتين وقصر في الثالثة ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس ثم لما ذهب ثلث الليل نزل فصيح الصلاة جامعة فاجتمعوا فصلى جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم للناس فقرأ في الأوليين فطول وجهر وقصر في الباقيتين ثم سلم جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم والنبي صلى الله عليه وسلم على الناس ثم لما طلع الفجر صيح الصلاة جامعة فصلى جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم وصلى النبي صلى الله عليه وسلم للناس فقرأ فيهما وجهر وطول ورفع صوته ثم سلم جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وسلم النبي صلى الله عليه وسلم على الناس * قوله تعالى (إلى المسجد الأقصى) * أخرج أبو بكر الواسطي في كتاب فضائل بيت المقدس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال كانت الأرض ماء فبعث الله تعالى ريحا فمسحت الماء مسحا فظهرت على الأرض زبدة فقسمها أربع قطع خلق من قطعة مكة والثانية المدينة والثالثة بيت المقدس والرابعة الكوفة وقال الواسطي رضي الله عنه عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال إن داود عليه السلام أراد ان يعلم عدد بني إسرائيل كم هم فبعث نقباء وعرفاء وأمرهم ان يرفعوا إليه ما بلغ عددهم فعتب الله عليه لذلك وقال قد علمت انى وعدت إبراهيم ان أبارك فيه وفى ذريته حتى أجعلهم كعدد الدر وأجعلهم لا يحصى عددهم وأردت ان تعلم عددهم انه لا يحصى عددهم فاختاروا اثنين ان أبتليكم بالجوع ثلاث سنين أو أسلط عليكم العدو ثلاثة أشهر أو الموت ثلاثة أيام فأشار بذلك داود عليه السلام على بني إسرائيل فقالوا ما لنا بالجوع ثلاث سنين صبر ولا بالعدو ثلاثة أشهر صبر فليس لهم تقية فان كان لا بد فالموت بيده لا بيد غيره فمات منهم في ساعة ألوف كثيرة ما يدرى عددهم فلما
(١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 ... » »»
الفهرست