الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٤ - الصفحة ١٥٦
فأتى بإنائين في أحدهما خمر وفى الآخر لبن فاخذ اللبن فقال جبريل عليه السلام هديت وهديت أمتك * وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن الواقدي عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي سبرة وغيره من رجاله قالوا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسال ربه ان يريه الجنة والنار فلما كان ليلة السبت لسبع عشرة خلت من رمضان قبل الهجرة بثمانية عشر شهرا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نائم في بيته ظهرا أتاه جبريل وميكائيل فقالا انطلق إلى ما سالت الله فانطلقا به إلى ما بين المقام وزمزم فأتى بالمعراج فإذا هو أحسن شئ منظرا فعرج به إلى السماوات سماء سماء فلقى فيها الأنبياء وانتهى إلى سدرة المنتهى ورأى الجنة والنار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولما انتهيت إلى السماء السابعة لم اسمع الا صريف الأقلام وفرضت عليه الصلوات الخمس ونزل جبريل عليه السلام فصلى برسول الله صلى الله عليه وسلم الصلوات في مواقيتها * وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسرى به ريحه ريح عروس وأطيب من ريح عروس * وأخرج ابن مردويه عن جبير قال سمعت سفيان الثوري رضي الله عنه سئل عن ليلة أسرى به فقال أسرى ببدنه * وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم دحية الكلبي رضي الله عنه إلى قيصر وكتب إليه معه فلقيه بحمص ودعا الترجمان فإذا في الكتاب من محمد رسول الله إلى قيصر صاحب الروم فغضب أخ له وقال تنظر في كتاب رجل بدأ بنفسه قبلك وسماك قيصر صاحب الروم ولم يذكر انك ملك قال له قيصر انك والله ما علمت أحمق صغيرا مجنونا كبيرا تريد ان تحرق كتاب رجل قبل ان أنظر فيه فلعمري لئن كان رسول الله كما يقول فنفسه أحق ان يبدأ بها منى وان كان سماني صاحب الروم فلقد صدق ما أنا الا صاحبهم وما أملكهم ولكن الله سخرهم لي ولو شاء لسلطهم على ثم قرأ قيصر الكتاب فقال يا معشر الروم انى لأظن هذا الذي بشر به عيسى بن مريم ولو أعلم انه هو مشيت إليه حتى أخدمه بنفسي لا يسقط وضوءه الا على يدي قالوا ما كان الله ليجعل ذلك في الاعراب الأميين ويدعنا ونحن أهل الكتاب قال فاصل الهدى بيني وبينكم الإنجيل ندعو به فنفتحه فان كان هو إياه اتبعناه والا أعدنا عليه خواتمه كما كانت انما هي خواتيم مكان خواتم قال وعلى الإنجيل يومئذ اثنا عشر خاتما من ذهب ختم عليه هرقل فكان كل ملك يليه بعده ظاهر عليه بخاتم آخر حتى ألقى ملك قيصر وعليه اثنا عشر خاتما يخبر أولهم لآخرهم انه لا يحل لهم ان يفتحوا الإنجيل في دينهم وانهم يوم يفتحونه يغير دينهم ويهلك ملكهم فدعا بالإنجيل ففض عنه أحد عشر خاتما حتى بقى عليه خاتم واحد فقامت الشمامسة والأساقفة والبطارقة فشقوا ثيابهم وصكوا وجوههم ونتفوا رؤسهم قال مالكم قالوا اليوم يهلك ملك بيتك وتغير دين قومك قال فاصل الهدى عندي قالوا لا تعجل حتى نسأل عن هذا ونكاتبه وننظر في أمره قال فمن نسأل عنه قالوا قوما كثيرا بالشام فأرسل يبتغى قوما يسألهم فجمع له أبو سفيان وأصحابه فقال أخبرني يا أبا سفيان عن هذا الرجل الذي بعث فيكم فلم يأل ان يصغر أمره ما استطاع قال أيها الملك لا يكبر عليك شانه انا لنقول هو ساحر ونقول هو شاعر ونقول هو كاهن قال قيصر كذلك والذي نفسي بيده كان يقال للأنبياء عليهم السلام قبله قال أخبرني عن موضعه فيكم قال هو أوسطنا قال كذلك بعث الله كل نبي من أوسط قومه أخبرني عن أصحابه قال غلماننا واحداث أسنانهم والسفهاء أما رؤساؤنا فلم يتبعه منهم أحد قال أولئك والله اتباع الرسل أما الملا والرؤس فاخذتهم الحمية قال أخبرني عن أصحابه هل يفارقونه بعد ما يدخلون في دينه قال ما يفارقه منهم أحد قال فلا يزال داخل منكم في دينه قال نعم قال ما تزيدونني عليه الا بصيرة والذي نفسي بيده ليوشكن ان يغلب على ما تحت قدمي يا معشر الروم هلموا إلى أن نجيب هذا الرجل إلى ما دعا إليه ونسأله الشام ان لا يطأ علينا أبدا فإنه لم يكتب قط نبي من الأنبياء إلى ملك من الملوك يدعوه إلى الله فيجيبه إلى ما دعاه ثم يسأله مسألة الا أعطاه مسئلته ما كانت فأطيعوني قالوا لا نطاوعك في هذا أبدا قال أبو سفيان والله ما يمنعني من أن أقول عليه قولا أسقطه من عينه الا انى أكره ان أكذب عنده كذبة يأخذها على ولا يصدقني حتى ذكرت قوله ليلة أسرى به قلت أيها الملك أنا أخبرك عنه خبرا تعرف انه قد كذب قال وما هو قلت إنه يزعم لنا انه خرج من أرضنا أرض الحرم في ليلة فجاء مسجدكم هذا مسجد إيليا ورجع إلينا في تلك الليلة قبل الصباح قال وبطريق إيليا عند رأس قيصر قال البطريق
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست