الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٣ - الصفحة ٣٣٢
بذنبه فلم تستقل رجلاه فجعل نوح يقول ويحك ادخل يا شيطان فينهض فلا يستطيع حتى قال نوح ويحك ادخل وان كان الشيطان معك كلمة زلت على لسانه فلما قالها نوح خلى الشيطان سبيله فدخل ودخل الشيطان معه فقال له نوح ما أدخلك يا عدو الله قال ألم تقل ادخل وان كان الشيطان معك قال اخرج عنى قال ما لك بد من أن تحملني فكان كما يزعمون في ظهر الفلك * وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال مكث نوح عليه السلام يدعو قومه ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم إلى الله يسره إليهم ثم يجهر به لهم ثم أعلن قال مجاهد رضي الله عنه الاعلان الصياح فجعلوا يأخذونه فيخنقونه حتى يغشى عليه فيسقط الأرض مغشيا عليه ثم يفيق فيقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون فيقول الرجل منهم لأبيه يا أبت ما لهذا الشيخ يصيح كل يوم لا يفتر فيقول أخبرني أبي عن جدي انه لم يزل على هذا منذ كان فلما دعا على قومه أمره الله أن يصنع الفلك فصنع السفينة فعملها في ثلاث سنين كلما مر عليه ملا من قومه سخروا منه يعجبون من نجارته السفينة فلما فرغ منها جعل له ربه آية إذا رأيت التنور قد فار فاجعل في السفينة من كل زوجين اثنين وكان التنور فيما بلغنا في زاوية من مسجد الكوفة فلما فار التنور جعل فيها كل ما أمره الله قال يا رب كيف بالأسد والفيل قال سألقي عليهم الحمى انها ثقيلة فحمل أهله وبنيه وبناته وكنائنه ودعا ابنه فلما أبى عليه وفرغ من كل شئ يدخله السفينة طبق السفينة الأخرى عليهم ولولا ذلك لم يبق في السفينة شئ الا هلك لشدة وقع الماء حين يأتي من السماء قال الله تعالى ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر فكان قدر كل قطرة مثل ما يجرى من فم القربة فلم يبق على ظهر الأرض شئ الا هلك يومئذ الا ما في السفينة ولم يدخل الحرم منه شئ * وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر عن عبد الله بن زياد ابن سمعان عن رجال سماهم ان الله أعقم رجالهم قبل الطوفان بأربعين عاما وأعقم نساءهم فلم يتوالدوا أربعين عاما منذ يوم دعا نوح عليه السلام حتى أدرك الصغير وأدرك الحنث وصارت لله عليهم الحجة ثم أرسل الله السماء عليهم بالطوفان * وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الضحاك رضي الله عنه قال يزعم الناس ان من أغرق الله من الولدان مع آبائهم وليس كذلك انما الولدان يمنزلة الطير وسائر من أغرق الله بغير ذنب ولكن حضرت آجالهم فماتوا لآجالهم والمدركون من الرجال والنساء كان الغرق عقوبة لهم * وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو الشيخ وابن عساكر من طريق مجاهد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال لما أصاب قوم نوح الغرق قام الماء على رأس كل جبل خمسة عشر ذراعا فأصاب الغرق امرأة فيمن أصاب معها صبي لها فوضعته على صدرها فلما بلغها الماء وضعته على منكبيها فلما بلغها الماء وضعته على يديها فقال الله لو رحمت أحدا من أهل الأرض لرحمتها ولكن حق القول منى * وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال بلغني ان نوحا عليه السلام قال لجاريته إذا فار تنورك ماء فأخبريني فلما فرغت من آخر خبزها فار التنور فذهبت إلى سيدها فأخبرته فركب هو ومن معه بأعلى السفينة وفتح الله السماء بماء منهمر وفجر الأرض عيونا * وأخرج إسحاق بن بشر وابن عساكر من طريقه أنا عبد الله العمرى عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال لما نبع الماء من حول سفينة نوح خرج رجل من تلك الأمة إلى فرعون من فراعنتهم فقال هذا الذي تزعمون أنه مجنون قد أتاكم بما كان يعدكم فجاء يسير في موكب له وجماعة من أصحابه حتى وقف من نوح غير بعيد فقال لنوح ما تقول قال قد أتاكم ما كنتم توعدون قال ما علامة ذلك قال اعطف برأس برذونك فعطف برذونه فتتبع الماء من تحت قوائمه فخرج يركض إلى الجبال هاربا من الماء * وأخرج ابن إسحاق وابن عساكر عن جعفر بن محمد رضي الله عنه قال فار الماء من التنور من دار نوح عليه السلام من تنور تختبز فيه ابنته وكان نوح يتوقع ذلك إذ جاءته ابنته فقالت يا أبت قد فار الماء من التنور فآمن بنوح النجارون كلهم الا نجارا واحدا فقال له اعطني أجرى قال أعطيتك أجرك على أن تركب معنا قال فان ودا وسواع ويغوث ونسرا سينجوني فأوحى الله إليه أن احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك الا من سبق عليه القول وكان ممن سبق عليه القوم امرأته والقة وكنعان ابنه فقال يا رب هؤلاء قد حملتهم فكيف لي بالوحش والبهائم والسباع والطير قال انا أحشرهم عليك فبعث جبريل عليه السلام فحشرهم فجعل يضرب بيديه على الزوجين فجعل يده اليمن على الذكر واليسرى
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست