الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٨٤
الله صلى الله عليه وسلم بعث ناسا من الناس فكانوا من ورائهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كونوا ههنا فردوا وجه من ندمنا وكونوا حرسا لنا من قبل ظهورنا وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هزم القوم هو وأصحابه الذين كانوا جعلوا من ورائهم فقال بعضهم لبعض لما رأوا النساء مصعدات في الجبل ورأوا الغنائم انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوا الغنيمة قبل ان تستبقوا إليها وقالت طائفة أخرى بل نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنثبت مكاننا فذلك قوله منكم من يريد الدنيا للذين أرادوا الغنيمة ومنكم من يريد الآخرة للذين قالوا نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونثبت مكاننا فاتوا محمدا صلى الله عليه وسلم فكان فشلا حين تنازعوا بينهم يقول وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة * وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس انه قال ما نصر الله نبيه في موطن كما نصر يوم أحد فأنكروا فقال ابن عباس بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله ان الله يقول في يوم أحد ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم باذنه يقول ابن عباس والحس القتل حتى إذا فشلتم إلى قوله ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين وانما عنى هذا الرماة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع ثم قال احموا ظهورنا فان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وان رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأباحوا عسكر المشركين انكفأت الرماة جميعا فدخلوا في العسكر ينتهبون والتفت صفوف المسلمين فهم هكذا وشبك بين يديه والتبسوا فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخل الخيل من ذلك الموضع على الصحابة فضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة رجال المسلمون جوله نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغاب انما كانوا تحت المهراس وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشك فيه انه حق فما زلنا كذلك ما نشك انه قتل حتى طلع بين السعدين نعرفه بتكفؤه إذا مشى ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا فرقى نحونا وهو يقول اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبيهم ويقول مرة أخرى اللهم انه ليس لهم ان يعلونا حتى انتهى إلينا فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل أعل هبل أعل هبل أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب فقال عمر الا أجيبه يا رسول الله قال بلى فلما قال أعل هبل قال عمر الله أعلى وأجل فعاد فقال أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة فقال عمر هذا رسول الله وهذا أبو بكر وها أنا عمر فقال يوم بيوم بدر الأيام دول والحرب سجال فقال عمر لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار قال إنكم لتزعمون ذلك لقد خبنا اذن وخسرنا ثم قال أبو سفيان انكم ستجدون في قتلاكم مثلا ولم يكن ذلك عن رأى سراتنا ثم أدركته حمية الجاهلية فقال أما انه كان ذلك ولم نكرهه * وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر عن ابن مسعود قال إن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت ان أبر أنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتى أنزل الله منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة فلما خالف أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به أفرد رسول الله صلى الله عليه وسلم في تسعة سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو عاشر فلما رهقوه قال رحم الله رجلا ردهم عنا فقام رجل من الأنصار فقاتل ساعة حتى قتل فلما رهقوه أيضا قال رحم الله رجلا ردهم عنا فلم يزل يقول ذا حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه ما أنصفنا أصحابنا فجاء أبو سفيان فقال أعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله أعلى وأجل فقالوا الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان لنا العزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا اللهم مولانا والكافرون لا مولى لهم ثم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر يوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر حنظلة بحنظلة وفلان بفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سواء أما قتلانا فأحياء يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون قال أبو سفيان قد كان في القوم مثلة وان كانت لعن غير ملاء منا ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا سرني قال فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع ان تأكلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أأكلت شيئا قالوا لا قال ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه وجئ برجل من الأنصار فوضع إلى
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة