الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٨٩
تولوا منكم يوم التقى الجمعان قال عثمان والوليد بن عقبة وخارجة بن زيد ورفاعة بن معلى * وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال كان الذين ولوا الدبر يومئذ عثمان بن عفان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان اخوان من الأنصار من بنى زريق * وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن إسحاق ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان فلان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان الأنصاريان ثم الزرقيان وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى بعضهم إلى المنقى دون الأغوص وفر عقبة بن عثمان وسعد بن عثمان حتى بلغوا الجلعب جبل بناحية المدينة مما يلي الأغوص فأقاموا به ثلاثا ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد ذهبتم فيها عريضة * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ان الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان ذلك يوم أحد ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تولوا عن القتال وعن نبي الله يومئذ وكان ذلك من أمر الشيطان وتخويفه فأنزل الله ما تسمعون انه قد تجاوز لهم عن ذلك وعفا عنهم * وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن الذين تولوا منكم يعنى انصرفوا عن القتال منهزمين يوم التقى الجمعان يوم أحد حين التقى الجمعان جمع المسلمين وجمع المشركين فانهزم المسلمون عن النبي صلى الله عليه وسلم وبقى ثمانية عشر رجلا انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا يعنى حين تركوا المركز وعصوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم حين قال للرماة يوم أحد لا تبرحوا مكانكم فترك بعضهم المركز ولقد عفا الله عنهم حين لم يعاقبهم فيستأصلهم جميعا ان الله غفور حليم فلم يجعل لمن انهزم يوم أحد بعد قتال بدر النار كما جعل يوم بدر فهذه رخصة بعد التشديد * وأخرج أحمد وابن المنذر عن شقيق قال لقى عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد ما لي أراك جفوت أمير المؤمنين عثمان فقال له عبد الرحمن أخبره انى لم أفر يوم عينين يقول يوم أحد ولم أتخلف عن بدر ولم أترك سنة عمر فانطلق فخبر بذلك عثمان فقال أما قوله انى لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني بذلك وقد عفا الله عنى فقال إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان انما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم وأما قوله انى تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ماتت وقد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم ومن ضرب له رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهم فقد شهدوا أما قوله انى لم أترك سنة عمر فإني لا أطيقها ولا هو فاته فحدثه بذلك * وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن رجاء بن أبي سلمة قال الحلم أرفع من العقل لان الله عز وجل تسمى به * قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا) الآيات * أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض الآية قال هذا قول عبد الله بن أبي ابن سلول والمنافقين * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدى في قوله لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا لإخوانهم الآية قال هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي إذا ضربوا في الأرض وهي التجارة * وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا قال هذا قول الكفار إذا مات الرجل يقولون لو كان عندنا ما مات فلا تقولوا كما قال الكفار * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم قال يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئا * وأخرج بن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحاق ليجعل الله ذلك حسرة في قلوبهم لقلة اليقين بربهم والله يحيى ويميت أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من آجالهم بقدرته ولئن قتلتم في سبيل الله الآية أي ان الموت كائن لابد منه فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا واتقوا مما يجمعون من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد الدنيا زهادة في الآخرة ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون أي ذلك كائن إذا لي الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله فيه منه آثر عندكم منها * وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش انه قرأ متم وإذا متنا كل شئ في القرآن بكسر الميم * قوله تعالى (فبما رحمة) الآية * أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فبما رحمة من الله يقول فبرحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لا نفضوا من حولك أي والله طهره من الفظاظة والغلظة وجعله قريبا رحيما رؤفا بالمؤمنين وذكر لنا أن نعت محمد صلى الله عليه وسلم في التوراة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب في الأسواق ولا يجزئ
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة