الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٤٩
انك على خير ثم تجئ الأعمال كل ذلك يقول الله انك على خير ثم يجئ الاسلام فيقول يا رب أنت السلام وأنا الاسلام فيقول الله انك على خير بك اليوم آخذ وبك أعطى قال الله في كتابه ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين * قوله تعالى (كيف يهدى الله) الآية * أخرج النسائي وابن حبان وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كان رجل من الأنصار فأسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم ندم فأرسل إلى قومه أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لي من توبة فنزلت كيف يهدى الله قوما كفر وابعد ايمانهم إلى قوله فان الله غفور رحيم فأرسل إليه قومه فأسلم * وأخرج عبد الرزاق ومسدد في مسنده وابن جرير وابن المنذر والباوردي في معرفة الصحابة قال جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم كفر فرجع إلى قومه فأنزل الله فيه القرآن كيف يهدى الله قوما كفروا إلى قوله رحيم فحملها إليه رجل من قومه فقرأها عليه فقال الحارث انك والله ما علمت لصدوق وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صدق منك وان الله عز وجل لا صدق الثلاثة فرجع الحارث فأسلم فحسن اسلامه * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدى في قوله كيف يهدى الله قوما الآية قال أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري كفر بعد ايمانه فأنزلت فيه هذه الآيات ثم نزلت الا الذين تابوا الآية فتاب * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد في قوله كيف يهدى الله قوما الآية قال نزلت في رجل من بنى عمر وبن عوف كفر بعد ايمانه فجاء الشام * وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد في الآية قال هو رجل من بنى عمرو بن عوف كفر بعد ايمانه قال قال ابن جريج أخبرني عبد الله بن كثير عن مجاهد قال لحق بأرض الروم فتنصر ثم كتب إلى قومه أرسلوا هل لي من توبة فنزلت الا الذين تابوا فآمن ثم رجع قال ابن جريج قال عكرمة نزلت في أبى عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت ووحوح بن الأسلت في اثنى عشر رجلا رجعوا عن الاسلام ولحقوا بقريش ثم كتبوا إلى أهلهم هل لنا من توبة فنزلت الا الذين تابوا من بعد ذلك الآيات * وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر عن ابن عباس ان الحرث بن سويد قتل المجدر بن زياد وقيس بن زيد أحد بنى ضبيعة يوم أحد ثم لحق بقريش فكان بمكة ثم بعث إلى أخيه الجلاس يطلب التوبة ليرجع إلى قومه فأنزل الله فيه كيف يهدى الله قوما إلى آخر القصة * وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح مولى أم هانئ ان الحرث بن سويد بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لحق باهل مكة وشهد أحدا فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع إلى مكة فكتب إلى أخيه جلاس بن سويد يا أخي انى ندمت على ما كان منى فأتوب إلى الله وأرجع إلى الاسلام فاذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فان طمعت لي في توبة فاكتب إلى فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله كيف يهدى الله قوما كفروا بعد ايمانهم فقال قوم من أصحابه ممن كان عليه يتمنع ثم يراجع الاسلام فأنزل الله ان الذين كفروا بعد ايمانهم ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله كيف يهدى الله قوما كفروا بعد ايمانهم قال هم أهل الكتاب عرفوا محمدا ثم كفروا به * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال هم أهل الكتاب من اليهود والنصارى رأوا نعت محمد في كتابهم وأقروا به وشهدوا أنه حق فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه وكفروا بعد اقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم * قوله تعالى (ان الذين كفروا بعد ايمانهم ثم ازدادوا كفرا الآية) * أخرج البزار عن ابن عباس ان قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية ان الذين كفروا بعد ايمانهم ثم ازدادوا كفرا الآية هذا خطأ من البزار * وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الموت * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال هم اليهود كفروا بالإنجيل وعيسى ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال إنها نزلت في اليهود والنصارى كفروا بعد ايمانهم ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ثم ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم ولو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ولكنهم على
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة