الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٥١
* وأخرج عبد بن حميد عن رجل من بنى سليم قال جاورت أبا ذر بالربذة وله فيها قطيع إبل له فيها راع ضعيف فقلت يا باذر الا أكون لك صاحبا أكنف راعيك واقتبس منك بعض ما عندك لعل الله ان ينفعني به فقال أبو ذر ان صاحبي من أطاعني فاما أنت مطيعي فأنت لي صاحب والا فلا قلت ما الذي تسألني فيه الطاعة قال لا أدعوك بشئ من مالي الا توخيت أفضله قال فلبثت معه ما شاء الله ثم ذكر له في الماء حاجة فقال ائتني ببعير من الإبل فتصفحت الإبل فإذا أفضلها فحلها ذلول فهممت بأخذه ثم ذكرت حاجتهم إليه فتركته وأخذت ناقة ليس في الإبل بعد الفحل أفضل منها فجئت بها فحانت منه نظرة فقال يا أخا بني سليم خنتني فلما فهمتها منه خليت سبيل الناقة ورجعت إلى الإبل فأخذت الفحل فجئت به فقال لجلسائه من رجلان يحتسبان علهما قال رجلان نحن قال اما لا فأنيخاه ثم اعقلاه ثم انحراه ثم عدوا بيوت الماء فجزؤوا لحمه على عددهم واجعلوا بيت أبي ذر بيتا منها ففعلوا فلما فرق اللحم دعاني فقال ما أدرى أحفظت وصيتي فظهرت بها أم نسيت فأعذرك قلت ما نسيت وصيتك ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها فهممت بأخذه فذكرت حاجتكم إليه فتركته فقال ما تركته الا لحاجتي إليه قلت ما تركت الا لذلك قال أفلا أخبرك بيوم حاجتي ان يوم حاجتي يوم أوضع في حفرتي فذلك يوم حاجتي ان في المال ثلاثة شركاء لقدر لا ينتظران يذهب بخيرها أو شرها والوارث ينتظر متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم وأنت الثالث فان استطعت أن لا تكونن أعجز الثلاثة فلا تكونن مع أن الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وان هذا المال مما أحب من مالي فأحببت ان أقدمه لنفسي * وأخرج أحمد عن عائشة قالت أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم يأكله ولم ينه عنه قلت يا رسول الله أفلا نطعمه المساكين قال لا تطعموهم مما لا تأكلون * وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق مجاهد عن ابن عمرانه لما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون دعا بجارية له فأعتقها * وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال قرأ ابن عمر وهو يصلى فأتى على هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فأعتق جارية له وهو يصلى أشار إليها بيده * وأخرج ابن المنذر عن نافع قال كان ابن عمر يشترى السكر فيتصدق به فنقول له لو اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا فيقول انى أعرف الذي تقولون ولكن سمعت الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وان ابن عمر يحب السكر * وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله لن تنالوا البر قال الجنة * وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون والسدي مثله * وأخرج ابن المنذر عن مسروق مثله * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال لن تنالوا بركم حتى تنفقوا مما يعجبكم ومما تهوون من أموالكم وما تنفقوا من شئ فان الله به علم يقول محفوظ ذلك لكم والله به عليم شاكر له * قوله تعالى (كل الطعام) الآية * أخرج عبد بن حميد والفريابي والبيهقي في سننه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل الا ما حرم إسرائيل على نفسه قال العرق أخذه عرق النساء فكان يبيت له زقاء يعنى صياح فجعل الله عليه ان شفاه ان لا يأكل لحما فيه عروق فحرمته اليهود * وأخرج سعيد ابن منصور وعبد بن حميد وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك عن ابن عباس قال هل تدرى ما حرم إسرائيل على نفسه ان إسرائيل أخذته الإنساء فأضنته فجعل الله عليه ان الله عافاه ان لا يأكل عرقا أبدا فلذلك تسل اليهود العروق فلا يأكلونها * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال حرم على نفسه العروق وذلك أنه كان يشتكي عرق النساء فكان لا ينام الليل فقال والله لئن عافاني الله منه لا يأكله لي ولد وليس مكتوبا في التوراة وسأل محمد صلى الله عليه وسلم نفرا من أهل الكتاب فقال ما شأن هذا حراما فقالوا هو حرام علينا من قبل الكتاب فقال الله كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلى أن كنتم صادقين * وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء اليهود فقالوا يا أبا القاسم أخبرنا عما حرم إسرائيل على نفسه قال كان يسكن البدو فاشتكى عرق النساء فلم يحد شيئا يداويه الا لحوم الإبل وألبانها فلذلك حرمها قالوا صدقت * وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله إلا ما حرم إسرائيل على نفسه قال حرم العروق ولحوم الإبل كان به عرق النساء فاكل من لحومها فبات بليله يزقو
(٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة