كان قبلكم بالتشديد شددوا على أنفسهم فشدد الله عليهم فأولئك بقاياهم في الديار والصوامع اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وحجوا واعتمر واستقيموا يستقم بكم قال ونزلت فيهم يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية * وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم قال نزلت في أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أرادوا ان يتخلوا من الدنيا ويتركوا النساء وتزهدوا منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية قال ذكر لنا ان رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رفضوا النساء واللحم وأرادوا ان يتخذوا الصوامع فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس في ديني ترك النساء واللحم ولا اتخاذ الصوامع وخبرنا ان ثلاثة نفر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اتفقوا فقال أحدهم اما انا فأقوم الليل لا أنام وقال أحدهم أما أنا فأصوم النهار فلا أفطر وقال الآخر وأما أنا فلا آتي النساء فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال ألم أنبأ انكم اتفقتم على كذا كذا قالوا بلى يا رسول الله وما أردنا الا الخير قال لكني أقوم وأنام وأصوم وأفطر وآتى النساء فمن رغب عن سنتي فليس منى وكان في بعض القراءة في الحرف الأول من رغب عن سنتك فليس من أمتك وقد ضل سواء السبيل * وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي عبد الرحمن قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا آمركم ان تكونوا قسيسين ورهبانا * وأخرج ابن جرير عن السدى قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جلس يوما فذكر الناس ثم قام ولم يزدهم على التخويف فقال ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا عشرة منهم علي بن أبي طالب وعثمان بن مظعون ما حقنا ان لم نحدث عملا فان النصارى قد حرموا على أنفسهم فنحن نحرم فحرم بعضهم أكل اللحم والودك وان يأكل منها وحرم بعضهم النوم وحرم بعضهم النساء فكان عثمان بن مظعون ممن حرم النساء وكان لا يدنو من أهله ولا يدنون منه فاتت امرأته عائشة وكان يقال لها الحولاء فقالت لها عائشة ومن حولها من نساء النبي صلى الله عليه وسلم ما بالك يا حولا متغيرة اللون لا تمتشطين ولا تتطيبين فقالت وكيف أتطيب وأمتشط وما وقع على زوجي ولا رفع عنى ثوبا منذ كذا وكذا فجعلن يضحكن من كلامها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن يضحكن فقال ما يضحككن قالت يا رسول الله الحولاء سألتها عن أمرها فقالت ما رفع عنى زوجي ثوبا منذ كذا وكذا فأرسل إليه فدعاه فقال ما بالك يا عثمان قال انى تركته لله لكي أتخلى للعبادة وقص عليه أمره وان عثمان قد أراد ان يجب نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقسمت عليك الا رجعت فواقعت أهلك فقال رسول الله انى صائم قال أفطر قال فأفطر وأتى أهله فرجعت الحولاء إلى عائشة قد اكتحلت وامتشطت وتطيبت فضحكت عائشة فقالت مالك يا حولاء فقالت إنه أتاها أمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال أقوام حرموا النساء والطعام والنوم الا دانى أنام وأقوم وأفطر وأصوم وأنكح النساء فمن رغب عن سنتي فليس منى فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا يقول لعثمان لا تجب نفسك فان هذا هو الاعتداء وأمرهم ان يكفروا ايمانهم فقال لا يؤاخذكم الله باللغو في ايمانكم الآية * وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد قال أراد رجال منهم عثمان ابن مظعون وعبد الله بن عمرو أن يتبتلوا ويخصوا أنفسهم ويلبسوا المسوح فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم والآية التي بعدها * وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة ان عثمان ابن مظعون وعلي بن أبي طالب وابن مسعود والمقداد بن الأسود وسالما مولى أبى حذيفة وقدامة تبتلوا فجلسوا في البيوت واعتزلوا النساء ولبسوا المسوح وحرموا طيبات الطعام واللباس الا ما يأكل ويلبس السياحة من بني إسرائيل وهموا بالاختصاء وأجمعوا القيام الليل وصيام النهار فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم الآية فلما نزلت بعث إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن لأنفسكم حقا ولا عينكم حقا وان لأهلكم حقا فصلوا وناموا وصوموا وأفطروا فليس منا من ترك سنتنا فقالوا اللهم صدقنا واتبعنا ما أنزلت مع الرسول * وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال إن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عثمان بن مظعون حرموا اللحم والنساء على أنفسهم وأخذوا الشفار ليقطعوا مذاكيرهم لكي تنقطع الشهوة عنهم
(٣٠٨)