الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٢
الشمس للغروب فخشى ان دخلت ليلة السبت أن يسبتوا فنادى الشمس انى مأمور وانك مأمورة فوقفت حتى افتتحها فوجد فيها من الأموال ما لم ير مثله قط فقربوه إلى النار فلم تأت فقال فيكم الغلول فدعا رؤس الأسباط وهم اثنا عشر رجلا فبايعهم فالتصقت يد رجل منهم بيده فقال الغلول عندك فأخرجه فاخرج رأس بقرة من ذهب لها عينان من ياقوت وأسنان من لؤلؤ فوضعه مع القربان فاتت النار فأكلتها * واخرج ابن جرير عن مجاهد قال تاهت بنو إسرائيل أربعين سنة يصبحون حيث أمسوا ويمسون حيث أصبحوا في تيههم * وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال إن بني إسرائيل لما حرم الله عليهم ان يدخلوا الأرض المقدس أربعين سنة يتيهون في الأرض شكوا إلى موسى فقالوا ما نأكل فقال إن الله سيأتيكم بما تأكلون قالوا من أين قال إن الله سينزل عليكم خبزا مخبوزا فكان ينزل عليهم المن وهو خبز الرقاق ومثل الذرة قالوا وما نأتدم وهل بدلنا من لحم قال فان الله يأتيكم به قالوا من أين فكانت الريح تأتيهم بالسلوى وهو طير سمين مثل الحمام فقالوا فما نلبس قال لا يخلق لأحدكم ثوب أربعين سنة قالوا فما نحتذي قال لا ينقطع لأحدكم شسع أربعين سنة قالوا فإنه يولد فينا أولاد صغار فما نكسوهم قال الثوب الصغير يشب معه قالوا فمن أين لنا الماء قال يأتيكم به الله فامر الله موسى أن يضرب بعصاه الحجر قالوا فما نبصر تغشانا الظلمة فضرب له عمودا من نور في وسط عسكره أضاء عسكره كله قالوا فبم نستظل الشمس علينا شديدة قال يظلكم الله تعالى بالغمام * وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال ظلل عليهم الغمام في التيه قدر خمسة فراسخ أو ستة كلما أصبحوا ساروا غادين فإذا أمسوا إذا هم في مكانهم الذي ارتحلوا فكانوا كذلك أربعين سنة وهم في ذلك ينزل عليهم المن والسلوى ولا تبلى ثيابهم ومعهم حجر من حجارة الطور يحملونه معهم فإذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفرجت منه اثنا عشرة عينا * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال خلق لهم في التيه ثياب لا تخلق ولا تذوب * وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس قال كانت بنو إسرائيل إذا كانوا في تيههم تشب معهم ثيابهم إذا شبوا * وأخرج عبد حميد عن الحسن قال لما استسقى موسى لقومه أوحى الله إليه أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا فقال لهم موسى ردوا معشر الحمير فأوحى الله إليه قلت لعبادي معشر الحمير وأني قد حرمت عليكم الأرض المقدسة قال يا رب فاجعل قبري منها قذفة حجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رأيتم قبر موسى لرأيتموه من الأرض المقدس قذفة بحجر * وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال لما استسقى لقومه فسقوا قال اشربوا يا حمير فأنهاه عن ذلك وقال لا تدع عبادي يا حمير * وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله فلا تأس قال لا تحزن * وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله عز وجل فلا تأس قال لا تحزن قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت أمرأ القيس وهو يقول وقوفا بها صحبا على مطيهم * يقولون لا تهلك أسى وتحمل * وأخرج عبد الرزاق في المصنف والحاكم وصححه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن نبيا من الأنبياء قاتل أهل مدينة حتى إذا كاد أن يفتحها خشى ان تغرب الشمس فقال أيتها الشمس انك مأمورة وأنا مأمور بحرمتي عليك الا وقفت ساعة من النهار قال فحبسها الله تعالى حتى افتتح المدينة وكانوا إذا أصابوا الغنائم قربوها في القربان فجاءت النار فأكلتها فلما أصابوا وضعوا القربان فلم تجئ النار تأكله فقالوا يا نبي الله مالنا لا تقبل قرباننا قال فيكم غلول قالوا وكيف لنا ان نعلم من عنده الغلول قال وهم اثنا عشر سبطا قال يبايعني رأس كل سبط منكم فبايعه رأس كل سبط فلزقت كفه بكف رجل منهم فقالوا له عندك الغلول فقال كيف لي أن أعلم قال تدعو سبطك فتبايعهم رجلا رجلا ففعل فلزقت كفه بكف رجل منهم قال عندك الغلول قال نعم عندي الغلول قال وما هو قال رأس ثور من ذهب أعجبني فغللته فجاء به فوضعه في الغنائم فجاءت النار فأكلته فقال كعب صدق الله ورسوله هكذا والله في كتاب الله يعنى في التوراة ثم قال يا أبا هريرة أحدثكم النبي صلى الله عليه وسلم أي نبي كان قال هو يوشع بن نون قال فحدثكم أي قرية قال هي مدينة أريحاء وفى رواية عبد الرزاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تحل الغنيمة لأحد قبلنا وذلك أن الله رأى ضعفنا فطيبها لنا وزعموا أن الشمس لم تحبس لأحد قبله ولا
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة