الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٣
بعده * قوله تعالى (واتل عليهم نبأ ابني آدم) الآية * أخرج ابن جرير عن ابن مسعود عن ناس من الصحابة أنه كان لا يولد لآم مولود الا ولد معه جارية فكان يزوج غلام هذا البطن لجارية البطن الآخر ويزوج جارية هذا البطن غلام هذا البطن الآخر حتى ولد له ابنان يقال لهما قابيل وهابيل وكان قابيل صاحب زرع وكان هابيل صاحب ضرع وكان قابيل أكبرهما وكانت له أخت أحسن من أخت هابيل وان هابيل طلب أن ينكح أخت قابيل فأبى عليه وقال هي أختي ولدت معي وهي أحسن من أختك وأنا أحق أن أتزوج بها فأمره أبوه أن يتزوجها هابيل فأبى وأنهما قربا قربانا إلى الله أيهما أحق بالجارية وكان آدم قد غاب عنهما إلى مكة ينظر إليها فقال آدم للسماء احفظي ولدى بالأمانة فأبت وقال للأرض فأبت وقال للجبال فأبت فقال لقابيل فقال نعم تذهب وترجع وتجد أهلك كما يسرك فلما انطلق آدم قربا قربانا وكان قابيل يفخر عليه فقال أنا أحق بها منك هي أختي وأنا أكبر منك وأنا وصى والدي فلما قر بأقرب هابيل جذعة سمينة وقرب قابيل حزمة سنبل فوجد فيها سنبلة عظيمة ففركها فأكلها فنزلت النار فأكلت قربان هابيل وتركت قربان قابيل فغضب وقال لأقتلنك حتى لا تنكح أختي فقال هابيل انما يتقبل الله من المتقين انى أريد أن تبوأ بإثمي وإثمك يقول اثم قتلى إلى إثمك الذي في عنقك * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر بسند جيد عن ابن عباس قال نهى أن ينكح المرأة أخاها توأمها وان ينكحها غيره من إخوتها وكان يولد في كل بطن رجل وامرأته فبينما هم كذلك ولد له امرأة وضيئة وأخرى قبيحة ذميمة فقال أخوا الذميمة أنكحني أختك وأنكحك أختي قالا أنا أحق بأختي فقر باقر بانا فجاء صاحب الغنم بكبش أبيض وصاحب الزرع بصبرة من طعام فتقبل من صاحب الكبش فخزنه الله في الجنة أربعين خريفا وهو الكبش الذي ذبحه إبراهيم ولم يقبل من صاحب الزرع فبنو آدم كلهم من ذلك الكافر * وأخرج إسحاق بن بشر في المبتدا وابن عساكر في تاريخه من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال ولد لآدم أربعون ولدا عشرون غلاما وعشرون جارية فكان ممن عاش منهم هابيل وقابيل وصالح وعبد الرحمن والذي كان سماه عبد الحارث وود وكان يقال له شيث ويقال له هبة الله وكان إخوته قد سودوه وولد له سواع ويغوث ونسر وان الله أمره ان يفرق بينهم في النكاح ويزوج أخت هذا من هذا * وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال كان من شأن ابني آدم انه لم يكن مسكين يتصدق عليه وانما كان القربان يقربه الرجل فبينا ابنا آدم قاعدان إذ قالا لو قربنا قربانا وكان أحدهما راعيا والآخر حراثا وان صاحب الغنم قرب خير غنمه وأسمنها وقرب الآخر بعض زرعه فجاءت النار فنزلت فأكلت الشاة وتركت الزرع وان ابن آدم قال لأخيه أتمشي في الناس وقد علموا انك قربت قربانا فتقبل منك ورد على فلا والله لا ينظر الناس إلى واليك وأنت خير منى فقال لأقتلك فقال له أخوه ما ذنبي انما يتقبل الله من المتقين لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك لا أنا مستنصر ولا مسكن يدي عنك * وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال إن ابني آدم للذين قربا قربانا كان أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم وأنهما أمر أن يقربا قربانا وان صاحب الغنم قرب أكرم غنمه وأسمنها وأحسنها طيبة بها نفسه وان صاحب الحرث قرب شر حرثه الكردن والزوان غير طيبة بها نفسه وان الله تقبل قربان صاحب الغنم ولم يقبل قربان صاحب الحرث وكان من قصتهما ما قص الله في كتابه وأيم الله ان كان المقتول لأشد الرجلين ولكنه منعه التحرج أن يبسط يده إلى أخيه * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله واتل عليهم نبا ابني آدم قال هابيل وقابيل لصلب آدم قرب هابيل عناقا من أحسن غنمه وقرب قابيل زرعا من زرعه فتقبل من صاحب الشاة فقال لصاحبه لأقتلنك فقتله فعقل الله إحدى رجليه بساقه إلى فخذها من يوم قتله إلى يوم القيامة وجعل وجهه إلى اليمن حيث دار دارت عليه حظيرة من ثلج في الشتاء وعليه في الصيف حظيرة من نار ومعه سبعة أملاك كلما ذهب ملك جاء الآخر * وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله واتل عليهم نبا ابني آدم بالحق قال كانا من بني إسرائيل ولم يكونا ابني آدم لصلبه وانما كان القربان في بني إسرائيل وكان أول من مات * قوله تعالى (انما يتقبل الله من المتقين) * أخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال لان استيقن ان الله تقبل من صلاة واحدة أحب إلى من الدنيا وما فيها ان الله
(٢٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة