الدر المنثور - جلال الدين السيوطي - ج ٢ - الصفحة ٢٤٠
لأصحابه من يشترى منكم نفسه بالجنة فقال رجل من القوم أنا فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وصلبوه فظنت النصارى مثل ذلك ورفع الله عيسى من يومه ذلك فبلغ المرأة ان عيسى قد قتل وصلب فجاءت حتى بنت مسجد إلى أصل شجرته فجعلت تصلى وتبكي على عيسى فسمعت صوتا من فوقها صوت عيسى لا تنكره أي فلانة انهم والله ما قتلوني وما صلبوني ولكن شبه لهم وآية ذلك أن الحواريين يجتمعون الليلة في بيتك فيفترقون اثنتي عشرة فرقة كل فرقة منهم تدعو قوما إلى دين الله فلما أمسوا اجتمعوا في بيتها فقالت لهم انى سمعت الليلة شيئا أحدثكم به وعسى أن تكذبوني وهو الحق سمعت صوت عيسى وهو يقول يا فلانة انى والله ما قتلت ولا صلبت وآية ذلك انكم تجتمعون اللية في بيتي فتفترقون اثنتي عشرة فرقة فقالوا ان الذي سمعت كما سمعت فان عيسى لم يقتل ولم يصلب انما قتل فلان وصلب وما اجتمعنا في بيتك الا لما قال نريد أن نخرج دعاة في الأرض فكان ممن توجه إلى الروم نسطور وصاحبان له فاما صاحباه فخرجا واما نسطور فحسبه حاجة له فقال لهما أرفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شئ فلما قدما الكورة التي أراد قدما في يوم عيدهم قد برز ملكهم وبرر معه أهل مملكته فاتاه الرجلان فقاما بين يديه فقالا له اتق الله فإنكم تعملون بمعاصي الله وتنتهكون حرم الله مع ما شاء الله ان يقولا قال فأسف الملك وهم بقتلهما فقام إليه نفر من أهل مملكته فقالوا ان هذا يوم لا نهريق فيه دما وقد ظفرت بصاحبيك فان أحببت ان تحبسها حتى يمضى عيدنا ثم ترى فيهما رأيك فعلت فامر بحبسهما ثم ضرب على اذنه بالنسيان لهما حتى قدم نسطور فسأل عنهما فأخبر بشأنهما وأنهما محبوسان في السجن فدخل عليهما فقال ألم أقل لكما أرفقا ولا تخرقا ولا تستبطئاني في شئ هل تدريان ما مثلكما مثلكما مثل امرأة لم تصب ولدا حتى دخلت في السن فأصابت بعد ما دخلت في السن ولدا فأحبت ان تعجل شبابه لتنفع به فحملت على معدته مالا تطيق فقتلته ثم قال لهما والآن فلا تستبطئاني في شئ ثم خرج فانطلق حتى أتى باب الملك وكان إذا جلس الناس وضع سريره وجلس الناس سمطا بين يديه وكانوا إذا ابتلوا بحلال أو حرام رفعوا له فنظر فيه ثم سأل عنه من يليه في مجلسه وسأل الناس بعضهم بعضا حتى تنتهى المسألة إلى أقصى المجلس وجاء نسطور حتى جلس في أقصى القوم فلما ردوا على الملك جواب من أجابه وردوا عليه جواب نسطور فسمع بشئ عليه نور وحلا في مسامعه فقال من صاحب هذا القول فقيل الرجل الذي في أقصى القوم فقال على به فقال أنت القائل كذا وكذا قال نعم قال فما تقول في كذا وكذا قال كذا وكذا فجعل لا يسأله عن شئ الا فسره له فقال عندك هذا العلم وأنت تجلس في آخر القوم ضعوا له عند سريري مجلسا ثم قال إن أتاك ابني فلا تقم له عنه ثم أقبل على نسطوره وترك الناس فلما عرف ان منزلته قد ثبتت قال لأزورنه فقال أيها الملك رجل بعد الدار بعيد الضيعة فان أحبيت ان تقضى حاجتك منى وتأذن لي فانصرف إلى أهلي فقال يا نسطور وليس إلى ذلك سبيل فان أحببت ان تحمل أهلك إلينا فلك المواساة وان أحببت ان تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إلى أهلك فعلت فسكت نسطور ثم تحين يوما مات لهم فيه ميت فقال أيها الملك بلغني ان رجلين أتياك يعيبان دينك قال قد كر هما فأرسل إليهما فقال يا نسطور أنت حكم بيني وبينهما ما قلت من شئ رضيت قال نعم أيها الملك هذا ميت قد مات في بني إسرائيل فمرهما حتى يدعوا ربهما فيحييه لهما ففي ذلك آية بينة قال فأتى بالميت فوضع عنده فقاما وتوضأ ودعوا ربهما فرد عليه روحه وتكلم فقال أيها الملك ان في هذه لآية بينة ولكن مرهما بغير ما أجمع أهل ملتك ثم قر لآلهتك فان كانت تقدر ان تضر هذين فليس أمرهما بشئ وان كان هذا يقدران ان يضرا آلهتك فأمرهما قوى فجمع الملك أهل مملكته ودخل البيت الذي فيه الآلهة فخر ساجدا هو من معه من أهل مملكته وخر نسطور ساجدا وقال اللهم إني أسجد لك وأكيد هذه الآلهة ان تعبد من دونك ثم رفع الملك رأسه فقال إن هذين يريدان ان يبدلا دينكم ويدعوا إلى إله غيركم فافقؤوا أعينهما أو جذموهما أو شلوهما فلم ترد عليه الآلهة شيئا وقد كان نسطور وأمر صاحبيه ان يحملا معهما فاسا فقال أيها الملك قل لهذين أيقدران ان يضر آلهتك قال أتقدران على أن تضرا آلهتنا قالا خل بيننا وبينها فأقبلا عليها فكسراها فقال نسطور أما أنا فآمنت برب هذين وقال الملك وأنا آمنت برب هذين وقال جميع الناس آمنا برب هذين فقال نسطور لصاحبيه هكذا الرفق * قوله تعالى
(٢٤٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة