تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٤٢٠
مستحسن يناله ابن آدم، وفي هذا القول يدخل ما روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه كان يعطي المال وقت القسمة الرجل من المهاجرين، ويقول له: خذ ما وعدك الله في الدنيا، ولأجر الآخرة أكبر، ثم يتلو هذه الآية، ويدخل في هذا القول النصر على العدو، وفتح البلاد، وكل أمل بلغه المهاجرون، والضمير في (يعلمون) عائد على كفار قريش.
وقوله: (الذين صبروا): من صفة المهاجرين.
وقوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا يوحى إليهم): هذه الآية رد على كفار قريش الذين استبعدوا أن يبعث الله بشرا رسولا، ثم قال تعالى: (فسألوا)، أي: قل لهم: (فسألوا)، و (أهل الذكر)، هنا: أحبار اليهود والنصارى، قاله ابن عباس وغيره، وهو أظهر الأقوال، وهم في هذه النازلة خاصة إنما يخبرون بأن الرسل من البشر، وأخبارهم حجة على هؤلاء، وقد أرسلت قريش إلى يهود يثرب يسألونهم ويسندون إليهم.
وقوله: (بالبينات): متعلق بفعل مضمر، تقديره: أرسلناهم بالبينات، وقالت فرقة:
الباء متعلقة ب‍ (أرسلنا) في أول الآية، والتقدير على هذا: وما أرسلنا من قبلك بالبينات والزبر إلا رجالا، ففي الآية تقديم وتأخير، و (الزبر): الكتب المزبورة.
وقوله سبحانه: (لتبين للناس ما نزل إليهم...) الآية.
* ت *: وقد فعل صلى الله عليه وسلم ذلك، فبين عن الله، وأوضح، وقد أوتي صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم، فأعرب عن دين الله، وأفصح، ولنذكر الآن طرفا من حكمه، وفصيح كلامه بحذف أسانيده، قال عياض في " شفاه ": وأما كلامه صلى الله عليه وسلم المعتاد، وفصاحته المعلومة، وجوامع كلمه، وحكمه المأثورة، فمنها ما لا يوازي فصاحة، ولا يبارى بلاغة، كقوله: " المسلمون تتكافأ دماؤهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، وهم يد على من سواهم "، وقوله: " الناس
(٤٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 415 416 417 418 419 420 421 422 423 424 425 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة