متفرقين من يخدم أبناء الدنيا ويؤملهم.
وقوله: (ما تعبدون من دونه إلا أسماء): أي: مسميات، ويحتمل - وهو الراجح المختار - أن يريد: ما تعبدون من دونه ألوهية، ولا لكم تعلق بإله إلا بحسب أن سميتم أصنامكم آلهة، فليست عبادتكم لا لله إلا بالاسم فقط لا بالحقيقة، وأما الحقيقة: فهي وسائر الحجارة والخشب سواء، وإنما تعلقت عبادتكم بحسب الاسم الذي وضعتم، فذلك هو معبودكم، ومفعول " سميتم " الثاني محذوف، تقديره: آلهة، هذا على أن الأسماء يراد بها ذوات الأصنام، وأما على المعنى المختار من أن عبادتهم إنما هي لمعان تعطيها الأسماء، وليست موجودة في الأصنام، فقوله: (سميتموها) بمنزلة وضعتموها، (إن الحكم إلا لله): أي ليس لأصنامكم، و (القيم): معناه المستقيم، و (أكثر الناس لا يعلمون)، لجهالتهم وكفرهم، ثم نادى: (يا صاحبي السجن) ثانية، لتجتمع أنفسهما، لسماع الجواب، فروي أنه قال لنبو: أما أنت، فتعود إلى مرتبتك وسقاية ربك، وقال لمجلث: أما أنت، فتصلب، وذلك كله بعد ثلاث، فروي أنهما قالا له: ما رأينا شيئا، وإنما تحالمنا لنجربك، وروي أنه لم يقل ذلك إلا الذي حدثه بالصلب، وقيل: كانا رأيا، ثم أنكرا، ثم أخبرهما / يوسف عن غيب علمه من الله تعالى، أن الأمر قد قضي ووافق القدر.
وقوله: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما...) الآية: الظن، هنا: بمعنى اليقين، لأن ما تقدم من قوله: (قضي الأمر) يلزم ذلك، وقال قتادة: الظن هنا على بابه، لأن عبارة الرؤيا ظن.
قال * ع *: وقول يوسف عليه السلام: (قضي الأمر): دال على وحي، ولا يترتب قول قتادة إلا بأن يكون معنى قوله: (قضي الأمر): أي: قضي كلامي، وقلت ما عندي، وتم، والله أعلم بما يكون بعد، وفي الآية تأويل آخر: وهو أن يكون " ظن " مسندا إلى الذي قيل له: إنه يسقي ربه خمرا، لأنه داخله السرور بما بشر به، وغلب على ظنه ومعتقده أنه ناج.
وقوله: (اذكرني عند ربك): يحتمل أن يريد أن يذكره بعلمه ومكانته، ويحتمل: أن يذكره بمظلمته، وما امتحن به بغير حق، أو يذكره بجملة ذلك، والضمير في (أنساه)