تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣٢٧
قال * ع *: فعلى هذا إنما أعلمهم بأنه يعلم مغيبات لا تعلق لها برؤيا، وقصد بذلك أحد الوجهين المتقدمين، وهذا على ما روي أنه نبئ في السجن فإخباره كإخبار عيسى عليه السلام.
وقوله: (تركت)، مع أنه لم يتشبث بها جائز صحيح، وذلك أنه أخبر عن تجنبه من أول بالترك، وساق لفظ الترك استجلابا لهما عسى أن يتركا الترك الحقيقي الذي هو بعد الأخذ في الشئ، والقوم المتروك ملتهم: الملك وأتباعه.
وقوله: (وأتعبت...) الآية: تماد من يوسف عليه السلام في دعائهما إلى الملة الحنيفية.
وقوله: (ما كان لنا أن نشرك بالله من شئ)، " من ": هي الزائدة المؤكدة التي تكون مع الجحود.
وقوله: (لا يشكرون): يريد: الشكر التام الذي فيه الإيمان بالله عز وجل.
وقوله: (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار): وصفه لهما ب‍ (صاحبي السجن) من حيث سكناه، كما قال: (أصحاب الجنة) و (أصحاب النار) ونحو ذلك، ويحتمل أن يريد صحبتهما له في السجن، كأنه قال: يا صاحباي في السجن، وعرضه عليهما بطلان أمر الأوثان بأن وصفها بالتفرق، ووصف الله تعالى بالوحدة والقهر تلطف حسن، وأخذ بيسير الحجة قبل كثيرها الذي ربما نفرت منه طباع الجاهل وعاندته، وهكذا الوجه في محاجة الجاهل: أن يؤخذ بدرجة يسيرة من الاحتجاج يقبلها، فإذا قبلها، لزمته عنها درجة أخرى فوقها، ثم كذلك أبدا حتى يصل إلى الحق، وإن أخذ الجاهل بجميع المذهب الذي يساق إليه دفعة أباه للحين وعانده، ولقد ابتلي بأرباب
(٣٢٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 322 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة