تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ٣ - الصفحة ٣١٧
انتهى، وقال ابن العربي في " أحكامه ": قوله تعالى: (وشروه بثمن بخس): يقال:
اشتريت بمعنى بعت، وشريت بمعنى اشتريت، لغة انتهى، وعلى هذا، فلا مانع من حمل اللفظ على ظاهره، ويكون " شروه " بمعنى: " اشتروه ".
قال * ع *: روي أن إخوة يوسف لما علموا أن الوراد قد أخذوه جاؤوهم، فقالوا: هذا عبد قد أبق منا، ونحن نبيعه منكم، فقارهم يوسف على هذه المقالة، خوفا منهم، ولينفذ الله أمره، وال‍ (بخس): مصدر وصف به الثمن، وهو بمعنى النقص.
وقوله: (دراهم معدودة): عبارة عن قلة الثمن، لأنها دراهم، لم تبلغ أن توزن لقلتها، وذلك أنهم كانوا لا يزنون ما كان دون الأوقية، وهي أربعون درهما.
وقوله سبحانه: (وكانوا فيه من الزاهدين): وصف يترتب في إخوة يوسف، وفي الوراد، ولكنه في إخوة يوسف أرتب، إذ حقيقة الزهد في الشئ إخراج حبه من القلب ورضفه من اليد، وهذه كانت حال إخوة يوسف في يوسف، وأما الوراد، فإن تمسكهم به وتجرهم يمانع زهدهم إلا على تجوز، قال ابن العربي في " أحكامه ": (وكانوا فيه من الزاهدين): أي: إخوته والواردة، أما إخوته، فلأن مقصودهم زوال عينه، وأما الواردة، فلأنهم خافوا اشتراك أصحابهم معهم. انتهى.
وقوله سبحانه: (وقال الذي اشتراه من مصر لأمرته أكرمي مثواه عسى أن ينفعنا):
روي أن مبتاع يوسف ورد به مصر البلد المعروف، ولذلك لا ينصرف، فعرضه في السوق، وكان أجمل الناس، فوقعت فيه مزايدة / حتى بلغ ثمنا عظيما، فقيل: وزنه من ذهب، ومن فضة، ومن حرير، فاشتراه العزيز، وهو كان حاجب الملك وخازنه، واسم الملك الريان بن الوليد، وقيل: مصعب بن الريان، وهو أحد الفراعنة، واسم العزيز المذكور:
" قطيفين "، قاله ابن عباس، وقيل: " أظفير "، وقيل: " قنطور "، واسم امرأته: " راعيل "، قاله ابن إسحاق، وقيل: " زليخا "، قال البخاري: و (مثواه): مقامه.
وقوله: (أو نتخذه ولدا) أي: نتبناه، وكان فيما يقال: لا ولد له، ثم قال تعالى:
(وكذلك)، أي: وكما وصفنا (مكنا ليوسف في الأرض ولنعلمه) فعلنا ذلك، و (الأحاديث): الرؤيا في النوم، قاله مجاهد، وقيل: أحاديث الأنبياء والأمم، والضمير
(٣١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 312 313 314 315 316 317 318 319 320 321 322 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة