تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٧ - الصفحة ٢٦٣
ظني، وظنه هذا كان حين قال: * (* لأضلنهم) *، * (الارض ولاغوينهم) *، وهذا مما قاله ظنا منه، فصدق هذا الظن. وقرأ زيد بن علي، والزهري، وجعفر بن محمد، وأبو الجهجاه الأعرابي من فصحاء العرب، وبلال بن أبي برزة: بنصب إبليس ورفع ظنه. أسند الفعل إلى ظنه، لأنه ظنا فصار ظنه في الناس صادقا، كأنه صدقه ظنه ولم يكذبه. وقرأ عبد الوارث عن أبي عمر: وإبليس ظنه، برفعهما، فظنه بدل من إبليس بدل اشتمال.
* (فاتبعوه) *: أي في الكفر. * (إلا فريقا) *: هم المؤمنون، ومن لبيان الجنس، ولا يمكن أن تكون للتبعيض لاقتضاء ذلك، إن فريقا من المؤمنين اتبعوا إبليس. وفي قوله: * (إلا فريقا) *، تقليل، لأن المؤمنين بالإضافة إلى الكفار قليل، كما قال: لاحتنكن ذريته إلا قليلا. * (وما كان له) *: أي لا بليس، * (عليهم من سلطان) *: أي من تسلط واستيلاء بالوسوسة والاستواء، ولا حجة إلا الحكمة بينه وبين تميز المؤمن بالآخرة من الشاك فيها. وعلل التسلط بالعلم، والمراد ما تعلق به العلم، قاله الزمخشري. وقال ابن عطية: * (إلا لنعلم) * موجودا، لأن العلم متقدم أولا. انتهى. وقال معناه ابن قتيبة، قال: لنعلم حادثا كما علمناه قبل حدوثه. وقال قتادة: ليعلم الله به المؤمن من الكافر عاما ظاهرا يستحق به العقاب والثواب؛ وقيل: ليعلم أولياؤنا وحزبنا. وقال الحسن: والله ما كان له سوط ولا سيف، ولكنه استمالهم فمالوا بتزيينه. انتهى. كما قال تعالى عنه: * (ما كان لى * عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لى) *. وقرأ الزهري: إلا ليعلم، بضم الياء وفتح اللام، مبنيا للمفعول. وقال ابن خالويه: إلا ليعلم من يؤمن بالياء. * (وربك على كل شىء حفيظ) *، إما للمبالغة عدل إليها عن حافظ، وإما بمعنى محافظ، كجليس وخليل. والحفظ يتضمن العلم والقدرة، لأن من جهل الشيء وعجز لا يمكنه حفظه.
* (قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة فى * السماوات * ولا فى الارض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير * ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق (سقط: وهو العلي الكبير إلى آخر الآية)) *.
(٢٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 ... » »»