تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٦٩
عطية: ويحتمل أن يكون مما يقال يوم القيامة، ويحتمل أن يكون مقطوعا من ذلك مخاطبا به محمدا صلى الله عليه وسلم) وأمته؛ انتهى. وقيل: هذا جواب سائل من يعطيهم * (ذالك الفوز العظيم) * فقيل الذي له ملك السماوات والأرض.
وقال الزمخشري (فإن قلت): ما في السماوات والأرض العقلاء وغيرهم، فهل غلب العقلاء فقيل ومن فيهن، (قلت): ما تتناول الأجناس كلها تناولا عاما ألا تراك تقول: إذا رأيت شبحا من بعيد ما هو قبل أن تعرف أعاقل هو أم غير عاقل؟ فكان أولى بإرادة العموم؛ انتهى كلامه. وقال أبو عبد الله الرازي: غلب غير العقلاء تنبيها على أن كل المخلوقات مسخرين في قبضة قهره وقدره وقضائه وقدرته وهم في ذلك التسخير كالجمادات التي لا قدرة لها وكالبهائم التي لا عقل لها، فعل الكل بالنسبة إلى علمه كلا علم وقدرة الكل بالنسبة إلى قدرته كلا قدرة وقال أيضا: مفتتح السورة، كان بذكر العهد المنعقد بين الربوبية والعبودية، فيشرع العبد في العبودية وينتهي إلى الفناء المحض عن نفسه بالكلية، فالأول هو الشريعة وهو البداية، والآخر هو الحقيقة وهو النهاية فمفتتح السورة من الشريعة ومختتمها يذكر الله عز وجل وكبريائه تعالى وعزته وقهره وعلوه، وذلك هو الوصول إلى مقام الحقيقة فما أحسن المناسبة بين ذلك المفتتح وهذا المختتم؛ انتهى كلامه، وليست الحقيقة والشريعة والتمييز بينهما لا من كلام الصحابة رضي الله عنهم ولا من كلام التابعين، وإنما ذلك من ألفاظ الصوفية واصطلاحاتهم ولهم في ذلك كلام طويل والله أعلم بالصواب.
(٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 ... » »»