تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٧٢
ولا يسمى قرطاسا إلا إذا كان مكتوبا وإن لم يكن مكتوبا فهو طرس وكاغد وورق، وكسر القاف أكثر استعمالا وأشهر من ضمها وهو أعجمي وجمعه قراطيس. حاق يحيق حيقا وحيوقا وحيقانا أي: أحاط، قاله الضحاك: ولا يستعمل إلا في الشر. قال الشاعر:
* فأوطأ جرد الخيل عقر ديارهم * وحاق بهم من بأس ضبه حائق * وقال الفراء: حاق به عاد عليه وبال مكره. وقال النضر: وجب عليه. وقال مقاتل: دار. وقيل: حل ونزل ومن جعله مشتقا من الحوق وهو ما استدار بالشيء فليس قوله بصحيح، لاختلاف المادتين وكذلك من قال: أصله حق فأبدلت القاف الواحدة ياء كما قالوا: في تظننت: تظنيت لأنها دعوى لا دليل على صحتها. سخر منه: هزأ به والسخرية والاستهزاء والتهكم معناها متقارب. عاقبة الشيء: منتهاه وما آل اليه.
* (الحمد لله الذى خلق * السماوات والارض * وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون) * هذه السورة مكية كلها. وقال الكسائي: إلا آيتين نزلتا بالمدينة وهما * (قل من أنزل الكتاب) * وما يرتبط بها.
وقال ابن عباس: نزلت ليلا بمكة حولها سبعون ألف ملك يجأرون بالتسبيح، إلا ست آيات قل: * (تعالوا أتل) * * (وما قدروا الله) * * (ومن أظلم ممن افترى) *. * (ولو ترى إذ الظالمون) *. * (والذين ءاتيناهم الكتاب يعلمون) *. * (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) *، انتهى. وعنه أيضا وعن مجاهد والكلبي إلا ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة * (قل تعالوا أتل) * إلى قوله * (لعلكم تتقون) * وقال قتادة: إلا * (وما قدروا الله حق قدره) * * (وهو الذى أنشأ) *، وذكر ابن العربي أن قوله * (قل لا أجد) * نزل بمكة يوم عرفة. ومناسبة افتتاح هذه السورة لآخر المائدة أنه تعالى لما ذكر ما قالته النصارى في عيسى وأمه من كونهما إلهين من دون الله، وجرت تلك المحاورة وذكر ثواب ما للصادقين، وأعقب ذلك بأن له ملك السماوات والأرض وما فيهن وأنه قادر على كل شيء، ذكر بأن الحمد له المستغرق جميع المحامد فلا يمكن أن يثبت معه شريك في الإلهية فيحمد، ثم نبه على العلة المقتضية لجميع المحامد والمقتضية، كون ملك السماوات والأرض وما فيهن له بوصف * (خلق * السماوات والارض) * لأن الموجد للشيء المنفرد باختراعه له الاستيلاء والسلطنة عليه، ولما تقدم قولهم في عيسى وكفرهم بذلك وذكر الصادقين وجزاءهم أعقب * (خلق * السماوات والارض) * * (يجعل * الظلمات والنور) * فكان ذلك مناسبا للكافر والصادق، وتقدم تفسير * (الحمد لله) * في أول الفاتحة وتفسير * (خلق * السماوات والارض) * في قوله: * (إن في خلق * السماوات والارض) * في البقرة وجعل هنا. قال ابن عطية: لا يجوز غير ذلك وتأمل لم خصت السماوات والأرض) * في البقرة وجعل هنا. قال ابن عطية: لا يجوز غير ذلك وتأمل لم خصت السماوات والأرض بخلق والظلمات والنور بجعل. وقال الزمخشري * (*) * في البقرة وجعل هنا. قال ابن عطية: لا يجوز غير ذلك وتأمل لم خصت السماوات والأرض بخلق والظلمات والنور بجعل. وقال الزمخشري * (جعل) * يتعدى إلى مفعول واحد إذا كان بمعنى أحدث وأنشأ، كقوله: * (جعل * الظلمات والنور) * وإلى مفعولين إذا كان بمعنى صير كقوله: * (وجعلوا الملئكة الذين هم عباد الرحمان إناثا) * والفرق
(٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 ... » »»