فحسنت الواو الجامعة للأمرين في الزمن الواحد وهو أحد محاملها ويزعم بعض النحويين أنه أولى بحاملها وأكثر. وقيل ثبت رغدا بعد الأمر بالدخول لأنها حالة قدوم فالأكل فيها ألذ وأتم وهم إليه أحوج بخلاف السكنى فإنها حالة استقرار واطمئنان فليس الأكل فيها ألذ ولا هم أحوج. وأما التقديم والتأخير في وقولوا وادخلوا، فقال الزمخشري: سواء قدموا الحطة على دخول الباب وأخروها فهم جامعون في الإيجاد بينهما انتهى، وقوله سواء قدموا وأخروها تركيب غير عربي وإصلاحه سواء أقدموا أم أخروها كما قال تعالى: * (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا) * ويمكن أن يقال: ناسب تقديم الأمر بدخول الباب سجدا مع تركيب ادخلوا هذه القرية لأنه فعل دال على الخضوع والذلة وحطة قول والفعل أقوى في إظهار الخضوع من القول فناسب أن يذكر مع مبدأ الشيء وهو الدخول ولأن قبله ادخلوا فناسب الأمر بالدخول للقرية الأمر بدخول بابها على هيئة الخضوع ولأن دخول القرية لا يمكن إلا بدخول بابها فصار باب القرية كأنه بدل من القرية أعيد معه العامل بخلاف الأمر بالسكنى وأما سنزيد هنا فقال الزمخشري موعد بشيئين بالغفران والزيادة وطرح الواو لا يخل بذلك لأنه استئناف مرتب على تقدير قول القائل وماذا بعد الغفران فقيل له: سنزيد المحسنين وزيادة منهم بيان وأرسلنا وأنزلنا ويظلمون ويفسقون من واد واحد، وقرأ الحسن: حطة بالنصب على المصدر أي حطة ذنوبنا حطة ويجوز أن ينتصب بقولوا: على حذف التقدير وقولوا قولا حطة أي ذا حطة فحذف ذا وصار حطة وصفا للمصدر المحذوف كما تقول: قلت حسنا وقلت حقا أي قولا حسنا وقولا حقا، وقرأ الكوفيون وابن كثير والحسن والأعمش نغفر بالنون لكم خطيئاتكم جمع سلامة إلا أن الحسن خفف الهمزة وأدغم الياء فيها، وقرأ أبو عمرو نغفر بالنون لكم خطاياكم على وزن قضاياكم، وقرأ نافع ومحبوب عن أبي عمرو تغفر بالتاء مبنيا للمفعول لكم خطيئاتكم جمع سلامة، وقرأ ابن عامر تغفر بتاء مضمومة مبنيا للمفعول لكم خطيئتكم على التوحيد مهموزا. وقرأ ابن هرمز تغفر بتاء مفتوحة على معنى أن الحطة تغفر إذ هي سبب الغفران، قال ابن عطية: وبدل غير اللفظ دون أن يذهب بجميعه وأبدل إذا ذهب به وجاء بلفظ آخر انتهى، وهذه التفرقة ليست بشيء وقد جاء في القراءات بدل وأبدل بمعنى واحد قرىء: * (فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكواة) * و * (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا) * * (عسى ربنا أن يبدلنا خيرا منها) * بالتخفيف والتشديد والمعنى واحد وهو إذهاب الشيء والإتيان بغيره بدلا منه ثم التشديد قد جاء حيث يذهب الشيء كله قال تعالى: * (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) * و * (بدلناهم * بجناتهم جنتين) * ثم * (بدلنا مكان السيئة الحسنة) * وعلى هذا كلام العرب نثرها ونظمها.
* (وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون) *. الضمير في واسألهم عائد على من يحضره الرسول صلى الله عليه وسلم) من اليهود وذكر أن بعض اليهود المعارضين للرسول صلى الله عليه وسلم) قالوا له لم يكن من بني إسرائيل عصيان ولا معاندة لما أمروا به فنزلت هذه الآية موبخة لهم ومقررة كذبهم ومعلمة ما جرى على أسلافهم من الإهلاك والمسخ وكانت اليهود تكتم هذه القصة فهي مما لا يعلم إلا بكتاب أو وحي فإذا أعلمهم بها من لم يقرأ كتابهم علم أنه من جهة الوحي، وقوله عن القرية فيه حذف أي عن أهل لقرية والقرية إيلة قاله ابن مسعود وأبو صالح عن ابن عباس والحسن وابن جبير وقتادة والسدي وعكرمة وعبد الله بن كثير والثوري، أو مدين ورواه عكرمة عن ابن عباس أو ساحل مدين، وروي عن قتادة وقال هي مقنى بالقاف ساكنة، وقال ابن زيد: هي مقناة ساحل مدين، ويقال: لها معنى بالعين مفتوحة ونون مشددة أو طبرية قاله الزهري أو أريحا أو بيت المقدس