* كلاهما كان رئيسا بيأسا * يضرب في يوم الهياج القونسا * وقرأ عيسى بن عمر الأعمش بخلاف عنه (بيئس) على وزن ' صقيل ' اسم امرأة بكسر الهمزة وبكسر القاف وهما شاذان، لأنه من بناء مختص بالمعتل كسيد وميت. وقرأ نصر بن عاصم في رواية (بيس) على وزن ميت وخرج على أنه من البؤس ولا أصل له في الهمز، وخرج أيضا على أنه خفف الهمزة بإبدالها ياء ثم أدغمت وعنه أيضا بئس القلب الياء همزة وادغامها في الهمزة ورويت هذه عن الأعمش. وقرأت فرقة (بأس) بفتح الثلاثة والهمزة مشددة، وقرأ باقي السبعة ونافع وفي رواية أبي قرة وعاصم في رواية حفص وأبو عبد الرحمن ومجاهد والأعرج والأعمش في رواية وأهل الحجاز (بئيس) على وزن رئيس. وخرج على أنه وصف على وزن ' فعيل ' للمبالغة من بائسة على وزن فاعل، وهي قراءة أبي رجاء عن علي، أو على أنه مصدر وصف به كالنكير والقدير، وقال أبو الأصبع العدواني:
* حنقا علي ولا أرى * لي منهما شرا بئيسا * وقرأ أهل مكة كذلك إلا أنهم كسروا الباء، وهي لغة تميم في ' فعيل ' حلقي العين يكسرون أوله، وسواء كان اسما أم صفة. وقرأ الحسن والأعمش فيما زعم عصمة (بيئس) على وزن طريم وحزيم. فهذه اثنتان وعشرون قراءة وضبطها بالتلخيص أنها قرئت ثلاثية اللفظ ورباعيته فالثلاثي اسما بئس وبيس وبيس وبأس وبيس وفعلا بيس وبئس وبئس وبأس وبأس وبئس والرباعية اسما بيأس وبيئس وبيئس وبييس وبئيس وبائس وفعلا باءس. * (فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين) * أي: استعصوا. والعتو: الاستعصاء والتأبي في الشيء. وباقي الآية تقدم تفسيره في البقرة، والظاهر: أن العذاب، والمسخ، والهلاك، إنما وقع بالمعتدين في السبت. والأمة القائلة لم تعظون قوما: هم من فريق الناهين الناجين. وإنما سألوا إخوانهم عن علة وعظهم وهو لا يجدي فيهم شيئا البتة، إذ الله مهلكهم أو معذبهم، فيصير الوعظ إذ ذاك كالعبث كوعظ المكاسين، فإنهم يسخرون بمن يعظهم وكثير ما يؤدي إلى تنكيل الواعظ. وعلى قوم من زعم أن الأمة القائلة لم تعظون هم العصاة، قالوا ذلك على سبيل الاستهزاء، أي: تزعمون أن الله مهلكهم أو معذبهم. تكون هذه الأمة من الهالكين الممسوخين والظاهر من قوله (فلما عتوا) أنهم أولا أخذوا بالعذاب حين نسوا ما ذكروا به، ثم لما عتوا مسخوا. وقيل ' (فلما عتوا) تكرير لقوله (فلما نسوا) والعذاب البئيس هو المسخ.
* (وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم، وقطعناهم في الأرض أمما منهم الصالحون ومنهم دون ذلك وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون، فخلف من بعدهم