تفسير البحر المحيط - أبي حيان الأندلسي - ج ٤ - الصفحة ٤٠٢
يظلمون * وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم كذالك نبلوهم بما كانوا يفسقون) *)) ) * التعزير قال يونس بن حبيب التعزير هو الثناء والمدح. الانبجاس العرق. قال أبو عمرو بن العلاء: انبجست عرقت وانفجرت سالت، وقال الواحدي الانبجاس الانفجار يقال: نجس وانبجس، الحوت معروف يجمع في القلة على أخوات وفي الكثرة على حيتان وهو قياس مطرد في فعل واوي العين نحو عود وأعواد وعيدان.
* (الذين يتبعون الرسول النبى الامى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر) *. هذا من بقية خطابه تعالى لموسى عليه السلام وفيه تبشير له ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم) وذكر لصفاته وإعلام له أيضا أنه ينزل كتابا يسمى الإنجيل ومعنى الاتباع الاقتداء فيما جاء به اعتقادا وقولا وفعلا وجمع هنا بين الرسالة والنبوة لأن الرسالة في بني آدم أعظم شرفا من النبوة أو لأنها بالنسبة إلى الآدمي والملك أعم فبدىء به والأمي الذي هو على صفة أمة العرب إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب فأكثر العرب لا يكتب ولا يقرأ قاله الزجاج، وكونه أميا من جملة المعجز، وقيل: نسبة إلى أم القرى وهي مكة، وروي عن يعقوب وغيره أنه قرأ الأمي بفتح الهمزة وخرج على أنه من تغيير النسب والأصل الضم كما قيل في النسب إلى أمية أموي بالفتح أو على أنه نسب إلى المصدر من أم ومعناه المقصود أي لأن هذا النبي مقصد للناس وموضع أم، وقال أبو الفضل الرازي: وذلك مكة فهو منسوب إليه لكنها ذكرت إرادة للحرم أو الموضع ومعنى يجدونه أي يجدون وصفه ونعته، قال التبريزي: في التوراة أي سأقيم له نبيا من إخوتهم مثلك وأجعل كلامي في فيه ويقول لهم كلما أوصيته وفيها وأما النبي فقد باركت عليه جدا جدا وسأدخره لأمة عظيمة وفي الإنجيل يعطيكم الفارقليط آخر يعطيكم معلم الدهر كله، وقال المسيح: أنا أذهب وسيأتيكم الفارقليط روح الحق الذي لا يتكلم من قبل نفسه ويمدحني ويشهد لي ويحتمل أن يكون بأمرهم بالمعروف إلى آخره متعلقا بيجدونه فيكون في موضع الحال على سبيل التجوز فيكون حالا مقدرة ويحتمل أن يكون من وصف النبي كأنه قيل: الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر وكذا وكذا، وقال أبو علي يأمرهم: تفسير لما كتب من ذكره كقوله: خلقه من تراب ولا يجوز أن يكون حالا من الضمير في يجدونه لأن الضمير للذكر والاسم والاسم والذكر لا يأمران، قال ابن عباس وعطاء: يأمرهم بالمعروف أي بخلع الأنداد ومكارم الأخلاق وصلة الأرحام، وقال مقاتل: الإيمان، وقيل: الحق، وقال الزجاج: كل ما عرف بالشرع والمنكر، قال ابن عباس: عبادة الأوثان وقطع الأرحام، وقال مقاتل: الشرك، وقيل: الباطل، وقيل: الفساد ومبادىء الأخلاق، وقيل: القول في صفات الله بغير علم والكفر بما أنزل وقطع الرحم والعقوق.
* (ويحل لهم الطيبات) * تقدم ذكر الخلاف في الطيبات في قوله كلوا من طيبات أهي الحلال أو المستلذ وكلاهما قيل هنا، وقال الزمخشري: ما حرم عليهم من الأشياء الطيبة كالشحوم وغيرها أو ما طاب في الشريعة واللحم مما ذكر اسم الله عليه من الذبائح وما خلا كسبه من السحت انتهى، وقيل: ما كانت العرب تحرمه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام واستبعد أبو عبد الله الرازي قول من قال: إنها المحللات لتقديره ويحل لهم المحللات قال وهذا محض التكذيب، ولخروج
(٤٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 397 398 399 400 401 402 403 404 405 406 407 ... » »»